ما زالت جميع القوى السياسية والمعارضة في كسروان غير قادرة على تشكيل لوائحها. فالكل ينتظر من يبقى في السباق لاستقطابه إلى اللائحة، وفق مبدأ البقاء دائماً للأقوى. وفي حالة المرشحين، البقاء للذين يستطيعون إثبات وجودهم في المعركة أصواتاً أو أموالاً أو ماكينات انتخابية وقدرة تجييرية للناخبين.
ورغم أن أكبر الخاسرين في كسروان هو التيار الوطني الحر، لا يجيد النائب نعمة افرام اقتناص الفرص، بل ما زال يقوم بمفاضلة بين المرشحين من دون الأخذ بالاعتبار أحجام الحلفاء على الأرض، تقول مصادر محلية لـ”المدن”.
مرسوم لإرضاء حبيش
التيار الوطني الحر يعوّل على رئيس بلدية جونية واتحاد بلديات القضاء جوان حبيش لدعم الوزيرة السابقة ندى البستاني. هو الوحيد القادر على إنقاذها في ظل عدم وجود حلفاء للتيار. وقد يتم إرضاءه بإصدار مرسوم يسمح له بإنشاء الكورنيش البحري في جونية. وهذا بات مرجحاً بعد صدور المرسوم 8815 في 22 شباط الحالي الذي ألغى قسماً من تخطيط طريق البترون، أي ما يعرف بقانون رفع استملاك الدولة عن العقارات التي اشترتها سابقاً لشق الطريق.
حملة انتخابية بالبترون
وتقول مصادر مطلعة أن هذا المرسوم هو أسرع مرسوم إلغاء تخطيط بتاريخ الجمهورية اللبنانية منذ إنشائها. فقد وافق عليه مجلس الإنماء والغعمار بتاريخ 7 تموز 2019، أي بعد أقل من خمسة أشهر على طلب بلديات في البترون إلغاء قسم من التخطيط. ونام في الأدراج منذ سنتين. لكن تم انتشاله وتوقيعه من رئيس الجمهورية منذ ثلاثة أيام كي يستفيد منه الوزير جبران باسيل للترويج لحملته في الانتخابات المقبلة في البترون.
إلغاء التخطيط بعد استملاك الدولة وإعادة العقارات لأصحابها في نحو سبع قرى بالبترون، سيكون بمثابة أكبر رشوة انتخابية “قانونية” كما تقول المصادر. لكن قبل نشر المرسوم في الجريدة الرسمية ومعرفة العقارات التي سيستردها السكان لا يمكن معرفة حجم الخسارة التي ستتعرض لها الدولة اللبنانية. فعندما استملكت الدولة الأراضي دفعت ثمنها على سعر الصرف القديم، ويستردها المواطن على سعر الصرف الجديد. ولنفترض أن مواطناً قبض نحو مليار ليرة (نحو 700 ألف دولار حينها) ثمن قطعة أرض (عندما تزيد عن الـ25 بالمئة المجانية) سيرد للدولة اليوم مليار ليرة (نحو خمسين ألف دولار)، هذا إذا كان قادراً على رد المبلغ من أساسه، كما يقول أحد رؤساء البلديات بالبترون.
كسروان بعد البترون
وتقول مصادر محلية في كسروان أن باسيل قد يرضي حبيش بمرسوم يمكنه من إنشاء الكورنيش البحري ليحقق انجازاً للأهالي في البلدية تكرسه في الانتخابات المقبلة. بما يشبه مرسوم البترون. وتضيف أن البستاني، المرفوضة ليس من أهالي كسروان، بل حتى من أبناء التيار، مصيرها معلق بما يقرره حبيش، من خلال تشغيل ماكينته الانتخابية. ورغم ذلك لا أحد يضمن فوزها. فحتى حبيش سيجد صعوبة بإقناع مناصريه في الاقتراع لها. فهي مرفوضة من أبناء التيار فكيف له أن يقنع جمهوره هو في انتخابها.
مساوئ ترشيح وزير طاقة
وتعلق المصادر: أسوأ خيار اليوم في أي منطقة في لبنان، وليس في كسروان، ترشيح أي حزب وزير للطاقة للانتخابات، بمعزل عن اسم هذا الشخص، فكيف الحال مع تيار مسؤول عن ملف الكهرباء؟ تسأل المصادر وتضيف: أبلغ دليل على مدى سوء الخيار أنه عندما يأتي جابي الكهرباء لقبض الفاتورة لصالح أصحاب المولدات أول ما يقوم به المواطن هو لعن وزير الطاقة وشركة الكهرباء، على غلاء الفاتورة وانقطاع التيار الكهربائي الرسمي.
وتضيف المصادر أن قيادات الصف الأول حاولت اقناع باسيل بمدى سوء هذا الخيار لكنه مصر عليه. فصحيح أن المنتمين للتيار والذين ينتقدون البستاني ليلاً ونهاراً سيصوتون لها في نهاية المطاف، لكن أهم عنصر في الانتخابات هو حماسة الجمهور. ومع البستاني سيكون الناخب العوني سلبياً ويكتفي بإسقاط ورقة الاقتراع في الصندوق. وسيكون عاجزاً عن تشجيع جاره أو قريبه. ولأنها تأكل من صحن التيار ولا تجلب أصواتاً من خارجه (حتى هي لا تقترع في كسروان بل في المتن)، ستكون خسارة التيار محققة ولن ينقذه إلا حبيش.
افرام وتشتت الأصوات
لا توجد جهة حزبية أو غير حزبية قادرة على تشكيل لائحة قوية تضم مرشحين ترفد بأصوات من خارج الصحن الحزبي، تقول مصادر مطلعة على مجريات المعركة وتشكيل اللوائح في قضاء الزعامات والاقطاع الكسرواني. فالتيار العوني لا يجد حلفاء وكذلك القوات اللبنانية.
أما المجموعات المعارضة فتنتظر قرار الوزير السابق زياد بارود، الذي لم يحسم قرار الترشح بعد، لتشكيل لائحة من القوى التغييرية وشخصيات معارضة برزت في انتفاضة 17 تشرين بعيداً من لائحة افرام.
وبدأت مجموعات وشخصيات بمفاوضات لتشكيل لائحة تستفيد من الموجة الشعبية، بعدما استشعرت أن لائحة افرام ستكون تقليدية، لأنها إلى شخصه (زعيم تقليدي) ستضم الوزير سليم الصايغ كمرشح عن حزب الكتائب اللبنانية، رغم التراجع الذي ستشهده شعبية الكتائب في حال مضى الكتائبي شاكر سلامة بترشحه على لائحة أخرى. وهو يبحث عن خيارات مشابهة في باقي المرشحين على لائحته، عوضاً عن انتقاء وجوه ومجموعات معارضة شبابية. وينتهي الجميع بتشتت الأصوات التي لن تكون لصالح قوى المعارضة. بل تستفيد منها القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، ويخرج افرام من المعركة محافظاً على مقعده الحالي، كما تقول المصادر.
وليد حسين لموقع المدن