ينخرط لبنان أكثر فأكثر في الوقائع الأوكرانية – الروسية. المسألة تتعدى مجرد الخلاف على الموقف السياسي، أو على البيانات الرسمية. حزب الله في حال استنفار سياسي بالغ التقدم. والمفاوضات الإيرانية – الأميركية تنتظر مجريات الحرب الروسية، وانعكاسها على الاتفاق النووي.

أصبح لبنان مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالتطورات الدولية. من الغاز المصري والكهرباء الأردنية، إلى ترسيم الحدود، وانعكاس آثار العقوبات الأوروبية والأميركية على روسيا، وعلى ثلاثي شركات النفط التي فازت بمناقصات التنقيب في لبنان. فهناك شراكة بين شركة توتال الفرنسية ونوفاتيك الروسية.

في حين سارع حزب الله إلى الإجابة على هذه التساؤلات، من خلال نقله النقاش إلى مكان آخر. وكان ذلك جلياً وواضحاً في موقف رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد الذي قال: “نحن نقول إننا سنبقي غازنا مدفونًا في مياهنا إلى أن نستطيع منع الإسرائيلي من أن يمد يده إلى قطرة ماء من مياهنا. aلسنا قاصرين. وليعلم العدو ومن يتواصل معه، وسيطاً وغير وسيط، أن الإسرائيلي لن يتمكن من التنقيب عن الغاز في جوارنا، ما لم ننقب نحن عن الغاز ونستثمره كما نريد، وليبلطوا البحر”.

وأضاف رعد، مهاجمأ المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين، قائلاً: “إن الأميركي الوسيط في التنقيب عن الغاز في لبنان، جاء إلى لبنان في الأيام الماضية للعب دور الثعلب في قسمة الجبنة بين المتخاصمين. ولكي نتمكن من التنقيب في مياهنا الإقليمية لاستخراج الغاز لنسدد بثمنه ديوننا، نقول لك أنت ستحفر في الماء، ومن الممكن أن يكون حقل الغاز مشتركاً بينك وبين الإسرائيلي”.

لقد قلب حزب الله الطاولة على ملف المفاوضات، وأعادها إلى يده وقراره حصراً. صحيح أن الحزب عينه ظهر في الأيام الماضية غير قادر على التأثير في الموقف الرسمي اللبناني من الأحداث الروسية الأوكرانية، لكنه استُنفر سياسياً ضد بيان وزارة الخارجية، متهماً الأميركيين بالتدخل المباشر في سبيل إصدار مثل هذا البيان.

لكنه في ملف ترسيم الحدود لا يبدو أنه مستعد للتنازل، واستخدامه عبارة “إبقاء الغاز مدفوناً بالمياه” إلى أن يستطيع “منع إسرائيل من مد يده إلى قطرة ماء من المياه اللبنانية”، مؤشر على إطالة أمد الصراع والخلاف حول ملف الترسيم. وهذا يعني أن حزب الله يقول للجميع إن هذا الملف ملكه وحده، ولا يمكن لأحد أن يتدخل فيه، وبالتالي لا يمكن لأي طرف أن يساوم عليه، لا في سبيل حلول سياسية آنية ولا في سبيل مصالح شخصية.

إنه العنوان الاستراتيجي بالنسبة إلى حزب الله، الذي يعتبر الحدود البحرية سقفاً أساسياً في الصراع المستمر والمفتوح، كحال مزارع شبعا في البرّ.