تقدّم وليد جنبلاط على المسرح السياسي بحركة غير اعتيادية، جعلت الأنظار تتجه إليه وتراقبه. أسئلة كثيرة تطرح حول ما يقوم به من المؤيدين والمعارضين لخطواته، وتحليلات رافقت اللقاء الذي عقده مع حزب الله.
المعارضون لخطوته يتهمونه بأنه يقدّم تنازلاً جديداً، بينما المؤيدون يعتبرونه يتعاطى بواقعية ويحاول اختراق الجمود القائم.
مهّد جنبلاط للقاء بمواقف متعددة أظهرت تقارباً مع حزب الله، منذ قضية المطران الحاج، إلى الاتصال برئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا. ومؤخراً دعا إلى تأجيل البحث في سلاح الحزب. كما أقر بأنه لا يمكن تجاوز حزب الله في الانتخابات الرئاسية.
عندما يُقدم جنبلاط على مثل هذه الخطوة، يعني أنه يترقب لحدث كبير، قد ينطوي على تصعيد أو تسوية. في كلا الحالتين يعمل على حفظ موقعه ودوره، وأن لا يكون في حالة صدامية مع أحد، وذهب أكثر عندما أشار إلى أنه لا يمكن تأييد الحياد فيما العدو الإسرائيلي على الأبواب.
أما بحال كان الوضع في المنطقة يتجه إلى تسوية كبرى، فهذا يعني أن الحزب سيكسب في السياسة، ولا بد من ترتيب العلاقة والوضعية معه على قاعدة عدم الاستعداء، والبحث عن صيغة تسوية تكون قادرة على إنجاز الاستحقاقات على قاعدة توافقية، بدلاً من المواجهة.
كلام جنبلاط لاقى اعتراضاً وانتقاداً من الذين يعولون على التحالف معه ضد الحزب. فيعتبر هؤلاء أنه سارع في إنهاء المعركة السياسية التي كان يمكن أن تفتح، وبقراره رجح كفة حزب الله في المعادلة السياسية.
ملفات كثيرة طرحت بين الطرفين منها ملف التفاوض مع صندوق النقد، وخطة الكهرباء وإنشاء صندوق سيادي. هنا أيضاً تتضارب المواقف والتقديرات. فالبعض يعتبر أن جنبلاط قد يكرر تجربة والده في العام 1970 والسير بانتخاب سليمان فرنجية. بينما آخرون يعتبرون أنه يبحث عن مرشح توافقي، مثلما تجنّب الانقسام العمودي في الاستحقاق السابق. لكن الرجل يقول إنه لن يطرح أي اسم، ولن يرشّح. إنما هو معني بتأمين التوافق على شخصية معينة.
حفظ الرأس
يتقرب جنبلاط من الحزب من موقع الفائز في الانتخابات، ومن موقع القادر على ترجيح كفة أي من الطرفين. في خطوته أيضاً ردّ على بعض النواب التغييريين والمستقلين وعلى القوات اللبنانية، الذين يحاولون فرض الإملاءات عليه أو فرض شروطهم. فبهذه الخطوة يقول للجميع إنه لا يمكن لأحد أن يتعاطى معه وكأنه تحصيل حاصل. بهذا الموقف سيجعل الطرفين بحاجة إليه.
هنا تعود المقولة التي يتسم بها أنه عند صراع الدول الكبرى “احفظ رأسك”.
منير الربيع للمدن