يحتلّ النفط مساحة واسعة في النقاش العالمي، وتتحوّل هذه المادة مع الغاز إلى أداة للصراع الدولي. واللافت أن استغلال الفرص يجعل من بعض الحلفاء خصوماً، كروسيا وإيران. أما أوروبا فتنتظر مجريات الحرب في أوكرانيا والموقف الروسي من التضييق الأميركي عليه على صعيد بيع النفط. وللتحرّر من التضييق، يذهب الروسي نحو الضغط على أوروبا في الغاز، علّه يُحرّر نفطه.

فيما إيران تلوّح بإنتاجها الصالح للعرض دولياً، وتريد من خلاله التأثير إيجابياً على التفاوض مع الأميركي حول الاتفاق النووي. وهذا السجال المستمرّ، أجّجه قرار منظّمة أوبك+ بتخفيض إنتاج النفط.
رأت منظّمة أوبك+ المنتجة للنفط، أن مستوى العرض النفطي يكفي السوق الذي يشهد تباطؤاً في النشاط الاقتصادي منذ انتشار جائحة كورونا. وخوفاً من الركود والتضخّم، كان القرار بخفض الإنتاج المخصص لشهر تشرين الأول المقبل، بشكل رمزي، بنسبة 0.1 بالمئة أي بمعدّل 100 ألف برميل يومياً، وذلك بهدف لجم تراجع الأسعار.

قرار المنظمة أظهَرَ بشكل واضح الصراع غير المعلن بين روسيا وإيران على استغلال السوق العالمي. فالطرفان يريدان رفع مستوى بيعهما للنفط وتحقيق الأرباح. ومن الناحية الروسية، تريد موسكو ضمان توريدها للنفط، وبشكل رئيسي نحو الهند التي تعتبر المستورد الأساسي للنفط الروسي. في مقابل الضغط الأميركي لفرض سقف على سعر النفط الروسي، تحذّر موسكو من وقفها بيع النفط للدول التي توافق على تحديد سقف للسعر، ما سيؤدي إلى توتير الأجواء الدولية.

في هذا المجال، لفت الاقتصادي روي بدارو، النظر إلى أن “روسيا وإيران تبيعان إنتاجهما بسعر يقلّ عن السعر المعروض عالمياً بنحو 20 بالمئة، حسب الزبون”. روسيا وإيران “يلعبان لعبة شدّ الحبال بينهما، وهما يحتاجان لبيع إنتاجهما كي لا يختنقان. ومن هنا، يعرض الإيراني استعداده لزيادة الإنتاج وتلبية الطلب العالمي”.
ويتمظهر السجال بين موسكو وطهران أيضاً، عبر سعي إيران لبيع الغاز إلى أوروبا، خصوصاً وأن علاقاتها جيّدة مع الدول الأوروبية، وتحديداً ألمانيا وفرنسا. وهو ما يشكّل حساسية لروسيا، لأن الغاز الإيراني قد يكون بديلاً للغاز الروسي في أوروبا “لكن وصول إيران إلى هذا المستوى من تغذية أوروبا في الغاز، يحتاج ما بين 5 إلى 10 سنوات، تكون إيران حينها جزءاً من تنوّع مصادر الغاز في أوروبا”.