هل يكون التفلّت الأمني المتعدد المواقع والأسباب، والذي شهده لبنان في الأيام القليلة الماضية، قد حصل صدفة؟ أم أن هناك من يحاول تذكية مثل هذه التوترات لتوسيع حالة الانهيار وشمولها الجوانب الأمنية، لأهداف سياسية لاحقة وبعيدة المدى؟
لا حاجة للدخول في السجال حول نظرية المؤامرة، لأن واقع الانهيار اللبناني ربطاً بالانقسام السياسي وبتداخل أجهزة متعددة داخلية وخارجية، يمكنه أن يؤدي إلى انفجارات متتالية. وقد شهدنا فصوله في الأحداث الأمنية من الشمال إلى الجنوب مروراً بالبقاع. وهذه أحداث قابلة للتطور اذا تسارع العزف على تحميل تنظيمات إرهابية المسؤولية.
منذ فترة وتتسارع وتيرة الأخبار الأمنية، مع كلام يشير إلى استعادة تنظيم داعش أو تنظيمات أخرى لنشاطها. هناك قناعة لبنانية تعتبر أنه لا يمكن الخروج من الأزمة من دون الوصول إلى صيغة يتفاهم عليها اللبنانيون برعاية دولية. ولا بد لهكذا صيغة أن تطال جوهر النظام وإعادة تشكيل موازين القوى في الداخل بما يتلاءم مع الوضع الخارجي. ومثل هذه الأمور لا يمكن أن تحصل في بلد كلبنان من دون تدهور الأوضاع الأمنية. إذ لا بد من “حماوة” تفرض على الجميع الجلوس على الطاولة. في المقابل، ثمة وجهة نظر أخرى لا تبدو مقتنعة بهذا الأمر لمجموعة أسباب. أولاً، أن الانهيار الشامل لا يبقى محصوراً في لبنان، وسيكون له تداعيات على المنطقة. ثانياً، إذا كانت المشكلة في لبنان هي حزب الله، فإن حل أزمة الحزب وسلاحه لن يكون لبنانياً إنما خارجياً. بناء عليه، يعتبر هؤلاء أنه بالإمكان البحث في تمرير الاستحقاق الرئاسي كما تم تمرير الانتخابات النيابية.
جزء من هذه النقاشات كان حاضراً في اللقاء الفرنسي السعودي في باريس. حيث شدد الفرنسيون على ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي في موعده، بغض النظر عن شخصية الرئيس الذي سينتخب. أمر لم يوافق عليه السعوديون، الذين اعتبروا أن المسألة ترتبط بشخصية الرئيس ومقوماته وقدراته على العمل مع المجتمع الدولي. وبالتالي، لا يوافق السعوديون على انتخاب أي رئيس. وشدد السعوديون على ضرورة الاتفاق على رئيس للجمهورية الحكومة، لتشكيل فريق عمل قادر على وضع خطة إنقاذية، مع التشديد على عدم انتخاب رئيس من قوى الثامن من آذار.
منير الربيع للمدن