رغم تجاوز المهل الدستورية لإقرار الموازنة العامة، وتأخرها لأكثر من 9 أشهر، تأتي موازنة 2022 “شكلية” ترقيعية، لا ترقى إلى مستوى الموازنات المالية الإصلاحية، ولا تلامس من قريب أو بعيد الغايات الإصلاحية المستهدفة والمطلوبة من صندوق النقد الدولي.

فكيف بموازنة عامة أن تقوم على تعدّد أسعار صرف الدولار مقابل الليرة؟ ليس هذا وحسب، فالموازنة المرتقب بحثها تراكم الرسوم والضغوط المالية على كافة الفئات الاجتماعية، بمن فيها من فقراء ومحدودي المداخيل، من دون أن تقابل ذلك بأي تقديمات أو نفقات اجتماعية وصحية.
تخلو موازنة عام 2022 من أي رؤية اقتصادية واجتماعية تستهدف إصلاح الوضع المالي أو التأسيس لإصلاحه. فلا يمكن وصف المقاربة التي تم وفقها إعداد الموازنة سوى بـ”العشوائية”، خصوصاً انها تعتمد عدة أسعار صرف للدولار، في احتساب الإيرادات والنفقات والدولار الجمركي.

أما الدولار الجمركي، فلم يتم حسمه نهائياً في لجنة المال والموازنة، وتُرك أمر حسمه لمجلس النواب، مع وضع عدة مقترحات تقوم على احتساب الدولار الجمركي 12 ألف ليرة و14 ألف ليرة.

شملت الموازنة تعديلاً في ضريبة الدخل لأصحاب المداخيل بالدولار، وتم احتساب الضريبة على الدخل بسعر صرف يتراوح بين 12 و14 ألف ليرة. وهذا الأمر من شأنه ترسيخ مخالفة مبدأ المساواة أمام الأعباء الضريبية.

ورغم ربط مسألة تصحيح رواتب القطاع العام بإقرار الدولار الجمركي، غير أن موازنة العام 2022 شملت رفع الدولار الجمركي في مقابل تعليق المساعدات الاجتماعية للقطاع العام، والاستمرار باحتساب رواتبهم على سعر صرف 1500 ليرة.

وإلى جانب أسعار الصرف المعتمدة في موازنة 2022، استندت في العديد من بنودها سعر صرف منصة صيرفة المتغيّر باستمرار. ليُضاف إلى أسعار الصرف المتعدّدة والمخالفة بطبيعة الحال لمطلب صندوق النقد الدولي، المتمثل بتوحيد أسعار الصرف.

كما تخلّلت الموازنة بنوداً “مفخّخة” تستهدف إعفاء كبار التجار والمقاولين والمعتدين على الأملاك العامة من رسوم ومتوجبات. منها على سبيل المثال رفع مدد السماح بتأجير أملاك الدولة من 4 سنوات حالياً إلى 18 عاماً، بالإضافة إلى تسهيلات لإشغال الأملاك العامة البحرية.