ليست بروفا الجلسة الرئاسية الاولى التي انعقدت في مجلس النواب من باب رفع العتب سوى الانعكاس المباشر والمرآة لواقع البلاد المبكي الذي تتلاطمه امواج المصالح الخارجية وزحف القوى الداخلية لتنفيذها. فنسبة اللاجدية وقلة المسؤولية التي تجلت بصورة فاقعة من خلال التصويت بأوراق بيضاء في ظرف انهياري كالذي تمر فيه البلاد، تؤكد اولا الارتهان الكامل للخارج في انتظار امر عمليات لم يصدر بعد تتحكم به مفاوضات فيينا النووية المجمّدة واحتجاجات طهران الشعبية المتعاظمة وبينهما مستلزمات استخدام رئاسة لبنان ورقة ضغط مؤثرة، كما حال الضياع المتسيّد واقع المنظومة السياسية لجهة تعذر الرسو على مرشح.

مشهد، ليست المعارضة بعيدة جدا منه. فهي ولئن توحدت بعض احزابها الاساسية حول اسم النائب ميشال معوّض الا انها عجزت عن توحيد صفوفها الكفيلة، لو فعلت، بتشكيل قوة دفع للاستحقاق، اذ بقي تمترس التغييريين خلف مرشح من خارج الفلك السياسي، حائلا دون الاجماع وتأمين الاصوات الـ65 الممكنة لايصال رئيس الى بعبدا، في الدورة الثانية، بالنصف زائدا واحدا. الواقع هذا ان استمر قد تنتهزه المنظومة في لحظة ما لتمرير اسم من صفوفها على غفلة، على غرار ما فعلت في استحقاقات سابقة وفي جلسة اقرار الموازنة… فهل تُدرك بعض القوى الحالمة بالتغيير خطورة ما قد يحل بالبلاد فيما لو اتيح للمنظومة تمرير رئيسها؟

لم تخرج الجلسة الاولى لانتخاب رئيس عن اطار التوقعات والسقوف التي وضعت لها، ولا حملت مفاجآت كان يأمل اللبنانيون حدوثها، لا بل قطعت آمالا معقودة على انتخاب قريب في ضوء اعلان الرئيس نبيه بري عودته الى مربع توفير شرط التوافق الذي حدده سابقا لتوجيه الدعوة الى جلسة ثانية .

تأمن النصاب داخل القاعة العامة بحضور 122 نائبا واثر انتهاء عملية فرز الأصوات اعلن بري النتيجة كالآتي: 63 ورقة بيضاء، 12 لأسماء أخرى، 11 لسليم اده، و36 صوتا للنائب ميشال معوّض ومباشرة بعيد اعلان النتيجة، بدأ نواب الثنائي الشيعي بالخروج من القاعة ما ادى الى فقدان النصاب فرفع الرئيس بري الجلسة. وبدا لافتا قول رئيس المجلس ردا على سؤال عن موعد الجلسة المقبلة “اذا لم يكن هناك توافق واذا لم نكن 128 صوتاً لن نتمكن من إنقاذ للمجلس النيابي ولا لبنان. وعندما ارى ان هناك توافقاً سوف أدعو فوراً الى جلسة واذا لا فلكل حادث حديث”.