عام 1991 أطلقت إسرائيل سراح 76 أسيراً من معتقل الخيام، على مرحلتين، مقابل الكشف عن مصير جندييها الأسيرين لدى حزب الله، اللذين تبين حينها أنهما قتيلان.
عام 1996، جرت عملية تبادل اخرى أطلق بموجبها سراح 45 أسيراً من معتقل الخيام، مقابل جثة جنديين إسرائيليين، وعام 1998، جرت عملية تبادل جديدة أطلق خلالها سراح 60 أسيراً لبنانياً، إضافة إلى جثامين 38 مقاوماً، مقابل رفات رقيب إسرائيلي، وعام 2004، جرت عملية تبادل أطلق خلالها سراح 400 أسير مقابل ثلاث جثث لجنود إسرائيليين، وفي العام 2008، جرت عملية تبادل أطلق بموجبها سمير القنطار وثلاثة آخرين.
كل عمليات التبادل جرت بعيدا عن عيون وآذان الدولة الرسمية بكل اجهزتها، وكأن الملفات المتعلقة بالشأن الاسرائيلي حق حصري لحزب الله ام ان حزب الله قرر الايحاء لكل اللبنانيين ان لا احد سواه يمتلك المناعة للتعاطي مع الاسرائيلي.
حفظ اركان المنظومة درس حزب الله غيبا، وخلال المفاوضات ترسيم الحدود التي انطلقت من موافقة بري على اتفاق الاطار لم يتدخل اي طرف داخلي في تفاصيلها الا شكليا، واقتصر دور نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب كسكرتير مواعيد حصرا محددا مواعيد سفر عاموس هوكشتاين ذهابا وايابا فقط لا غير. ومع انتهاء هوكشتاين من اعداد مسودة الاتفاق وتسليمها لرئيس الجمهورية انبرت الشخصيات المقربة من حزب الله على نقاش تفاصيل الاتفاق والبنود التي يتخللها وانفردت جريدة الاخبار بنشر مضمون الاتفاق لا اي وسيلة اعلام اخرى.
في الخلاصة يضع حزب الله نفسه في كل الامور المصيرية امام الدولة بمراحل، يفاوض يقرر ويترك للدولة شرف توقيع ما اتفق عليه، لكن هذه المرة الامر مختلف، اتفاق ترسيم الحدود مع اسرائيل هو اتفاق طويل الامد واستراتيجي ونهائي، وبذلك يجب وفق المادة 52 من الدستور عرض الاتفاق على مجلس النواب للمصادقة عليه او رفضه.
وبما ان لا ثقة لنا بهم جميعا، وبما انهم يقدمون دائما مصالحهم الشخصية على المصلحة العامة، لا بد ان يمتنعوا ان تحويل الاتفاق الى مجلس النواب للمصادقة عليه كي لا يكشف حزب الله داخليا ويلمس الشعب اللبناني برمته ان الاتفاق ليس بين الدولة اللبنانية والكيان الاسرائيلي الغاصب، بل هو اتفاق بين حزب الله واسرائيل ولعل ابرز دليل تغريدة النائب هاني قبيسي عن ابعاد التنازل عن الخط 29 خدمة للجمهورية الاسلامية الايرانية.