لا يمكن قراءة حجم الاصوات التي حصلها عليها النائب ميشال معوض في الانتخابات الرئاسية كحدث عابر. وقد لا يكون شخص ميشال معوض من استقطب تلك الاصوات لكن بالتأكيد خياراته السياسية ومواقفه السيادية من جذب القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي والكتائب اللبنانية اضافة الى النواب المستقلين.
ابواق الممانعة يعمدون الى تسويق فكرة ان لا فرصة لمرشح “التحدي” ويفضلون المرشح التوافقي الذي لا موقف له من سلاح حزب الله وخلاياه الارهابية في الخليج العربي ونيترات الامونيوم المكتشف في بعض الدول الاوروبية. الرئيس التوافقي بالنسبة لهم هو الرئيس الذي لا يتصدى لمشروعهم بل “يساير” ذلك المشروع او يتجنب المواجهة معه. بالنسبة الى السياديين انتخاب رئيس الجمهورية محطة لاصطفاف سياسي واسع عابر للطوائف بوجه مشروع حزب الله الذي يهدد الهوية اللبنانية كما تصرح غالبية قواهم، وبالتالي وبما ان حزب الله يتحكم بالمجلس النيابي من خلال نبيه بري، وبمجلس الوزراء من خلال الثلث المعطل والديمقراطية التوافقية، وبالقضاء من خلال التمرد على قرارات التوقيف، وعلى الاجهزة الامنية من خلال تحكمه بالترقيات والتعيينات، لم يبق للسياديين الا خيار الفوز برئاسة الجمهورية لخلق نوع من التوازن ومن هنا يأتي اجماع سمير جعجع ووليد جنبلاط وسليم الصايغ في اطلالاتهم الاعلامية الاخيرة وتأكيدهم ان ميشال معوض مرشحهم النهائي.
اجماع الثلاثي على معوض وارفاده لاحقا بالنواب السنة واستغلال الانقسام الحاد بين النواب التغيريين سيجعل من الانتخابات الرئاسية معركة على “المنخار” خصوصا ان حركة معوض تباركها المملكلة العربية السعودية والولايات المتحدة الاميركية وفرنسا.
انقسام قوى التغيير مرآة وبرهان ان محاربة الفساد لا تنطلق في سيادة منقوصة، المعركة الاولى والاساسية استعادة سيادة الدولة وكسر هيبة السلاح الذي يحتمي به كل الفاسدين. في معلومات لموقع من بيروت، العلاقة بين قوى التغيير كعلاقة بين زوجين قررا الانفصال ويبحثان عن الطريقة الفضلى لاخبار اولادهما، وهي مسألة وقت فقط كي “ينفخت” الدف ويتفرق العشاق.
لقد اعاد حزب الله فرز المجتمع اللبناني بين موال له ومعارض في مشهد يشبه 8 و14 آذار، وانقسام نواب التغيير تحصيل حاصل بحيث يصوت السياديون منهم لمعوض ويسير من تبقى منهم بمرشح حسن نصرالله. ما يعشيه لبنان شبيه بالمرحلة التي سبقت نداء المطارنة الموارنة عام 2000 لكن مع عامل اجتماعي مالي ضاغط وللمفارقة الحلول المالية والاقتصادية بيد الخط المعارض لحزب الله اقليميا ودوليا، فمن ينتصر في الداخل؟