منذ انطلاق قطار الوساطة الاميركية لترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، اصطف حزب الله خلف الدولة اللبنانية واعلن دعمه لموقفها. التزم بهذا التوجه التزاما كاملا ولم يخرقه الا شكليا من خلال مسيّرات غير مسلحة ارسلها الى كاريش، بدا الغرض منها الاستعراض والاستثمار الشعبي الداخلي لا اكثر.
نهاية الاسبوع الماضي، جدد نصرالله وقوفه وراء لبنان الرسمي، وقال: بعد أشهر من الجهد والنضال السياسي والميداني والاعلامي، شاهدنا اليوم ان الرؤساء تسلموا النص المكتوب من الجهة الوسيطة”. وتابع “كنت أردد دائما ان الدولة هي التي تأخذ القرار المناسب ونحن امام ايام حاسمة في هذا الملف”. واضاف “سيتضح خلال الايام المقبلة ما هو موقف الدولة اللبنانية ونحن نأمل ان تكون خواتيم الامور جيدة وطيبة للبنان واللبنانيين جميعا”. واوضح “اذا كانت النتيجة طيبة فإن ذلك سيفتح آفاقا جديدة وطيبة للبنانيين ان شاء الله وهذا سيكون نتاج التعاون والتضامن الوطني”.
الامور تتجه نحو اعلان التوصل الى اتفاق، ولو تأخر الاعلان بعض الشيء اذا استمر الاشتباك الإسرائيلي الداخلي، لغايات شعبوية عشية الانتخابات المرتقبة. وهذا الاتفاق سيكرس هدوءا على الجبهة البحرية الجنوبية برضى الحزب ومباركته وسيتيح تنقيبا هادئا عن الغاز اكان في الحقول الإسرائيلية او اللبنانية. وما يجب ان يعرفه الجميع، وما سيتظّهر بصورة اوضح في قابل الايام والاسابيع، هو ان حقل قانا الذي يكثر الحديث عن انه سيؤول الى لبنان كاملا وان شركة توتال ستدفع من ارباحها تعويضا لاسرائيل التي تطالب بالحصول عليها من الحقل سيتشارك في الواقع لبنان واسرائيل ارباحَه.
عدم توقيع الاتفاق لا يعني ان لبنان لم يفاوض الكيان العبري وإن بالواسطة، ولا يعني انه لم يعترف باسرائيل كدولة وبسيادتها على المياه الاقليمية.
اما الملاحظة الاهم التي يجب الا تغيب عن الاذهان لدى مناقشة ملف الترسيم، فتكمن في ان الاتفاق ما كان ممكنا وان المفاوضات ما كانت لتنطلق اصلا، لو ان لبنان لم يتنازل عن الخط ٢٩.
الحزب وافق على كل هذه النقاط وسار بها، مُصرّا، لمرة من النوادر في تاريخه، على الوقوف خلف الدولة، لا اكثر.. فهل يمكن القول ان حزب الله الذي لطالما زايد على اللبنانيين بوطنيته ووزع عليهم شهادات بالوطنية، ارتضى الاعتراف بتل ابيب، بشكل او بآخر؟ وبأي مقابل؟ هل مقابل ثمن سياسي ما سيتقاضاه في الداخل او مقابل ارباح اقليمية لايران؟
لارا يزبك