لا يزال المُساعد السّابق لوزير الخارجيّة الأميركيّ لشؤون الشّرق الأدنى ديفيد شينكر يتمتّع بالعديد من الصّلات والعلاقات مع المُؤثّرين والمقرّبين من مراكز القرار الأميركيّ، ويُطلّ بصفته مدير برنامج السّياسة العربيّة في “معهد واشنطن لدراسات الشّرق الأدنى” على الملفّ اللبنانيّ باهتمام “المُتورّط” في يوميّات السّياسة اللبنانيّة، على الرغم من خروجه من الإدارة الأميركيّة وعودته إلى العمل في مجال الأبحاث.

لم يستبعد شينكر نشوبَ حربٍ وإن أُنجِزَ اتفاق الترسيم البحريّ: “ببساطةٍ فإنّ ما يجري على البرّ من تكديسٍ سّلاح من قبل حزب الله، وعمل الحزب في المنطقة الحدوديّة تحت غطاء “جمعيّة أخضر بلا حدود”، واستعادة الكلام عن مزارع شبعا، لا يشير إلى أنّ الأمن على الحدود بين لبنان وإسرائيل لن يشهدَ تصعيداً. فالتوتّر على الحدود على أشدّه بين الحزب والجيش الإسرائيليّ”.

وأضاف أن اتفاقَ الترسيم لا يعني بالضّرورة ضمانةً للاستقرار على الحدود بين لبنان وإسرائيل. إذ لا يتضمّن بشكلٍ واضح أيّ ضمانات تتعلّق بأمن منصّات الغاز الإسرائيليّة، ويسأل: “من قال إنّه إذا استهدف حزب الله منصّات الغاز الإسرائيليّة، فإنّ المنصّات اللبنانيّة لن تُعامَل بالمثل؟”

واضاف أنه لا يُوافق على أنّ إدارة الرّئيس الأميركي جو بايدن تُحاول مُساعدة رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد في انتخاباته في وجه زعيم حزب الليكود بنيامين نتانياهو، لكن في الوقت عينه يقول إنّ “تل أبيب تنازلت في قبولها بترسيم الحدود على أساس الخطّ 23، وفي مُقابل هذا التنازل يريدون ما يضمن أمنهم عبر ما باتَ يُعرف بـ”خطّ الطفّافات”. في حال لم تُوافق الحكومة اللبنانيّة على ذلك، لم تكن الحكومة الإسرائيلية لتقبل بالخطّ 23 من دون ضمانات أمنيّة”. فالاتفاق بحسب شينكر هو “Package deal، إمّا أن يقبل اللبنانيّون بذلك أو لن يكون اتفاق، Take it or Leave it”.

ورأى أن هناك احتمالا بأن يكونَ “مردود” اتفاق الترسيم مع لبنان “سياسيّاً” و”أمنيّاً” بالنّسبة إلى إسرائيل، وليسَ ماليّاً.

أمّا في لبنان، فيجزُم شينكر أنّ حزب الله سيحمل اتفاق الترسيم كـ”انتصارٍ إلهيٍّ جديد”، ويُروّج في الأوساط الدّاخليّة أنّه لولا تهديدات أمينه العامّ والطّائرات المُسيّرة لما كان الاتفاق ليُبصرَ النّور.

وختم: “الخاسر الأكبر هو الشّعب اللبنانيّ، فالطّبقة السّياسيّة في لبنان تُعِدّ “تحت الطّاولة” لمُشاركة الشّركات التي ستعمل في البلوكات اللبنانيّة، وستستخرج النّفط والغاز والأموال من دون رقابة ولا مُحاسبة.”