ما أن قاربت العقدة السياسية الأبرز في ملف النفط والغاز، على الحل النهائي، حتى بدأت خطابات التهليل لدخول لبنان نادي الدول النفطية. ويعرض بعض السياسيين المشهد وكأن “عصا سحرية” ستضرب بها الدولة اللبنانية، عقب ترسيم الحدود، فتحلّ كافة أزماتها المالية والاقتصادية. فهل أصبح لبنان فعلياً دولة نفطية؟ متى يُحسم حجم الثروة المتوقعة؟
ليس ترسيم الحدود سوى خطوة أولى في مسار ملف التنقيب عن النفط والغاز. ومسألة الترسيم أزالت العائق السياسي أمام ملف التنقيب عن النفط والغاز، لكنها لا تعني بالضرورة أن لبنان بات بلداً نفطياً. فعملية الترسيم يستتبعها عملية استكشاف وتنقيب واستخراج وتسويق. وكل مرحلة تستلزم إجراءات وتقنيات محددة ووقتاً ليس بقليل.
تشرح المديرة التنفيذية للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز، ديانا القيسي، المراحل التي تفصل عملية ترسيم الحدود عن جني لبنان الأرباح المحتملة. وتقول أن شركة توتال تحتاج قرابة العام لإتمام عمليات الحفر والاستكشاف. بعد هذه المرحلة، وفي حال تبين وجود كميات تجارية من الغاز تحفر توتال آباراً تقييمية لتحدّد الكميات المتوقعة بشكل دقيق وكيفية سحبها تحتاج المرحلة لنحو 5 أشهر. ومن بعدها تبدأ الشركة بتطوير الحقل.
تطوير الحقل يستلزم التخطيط لكيفية الاستخراج، وتحديد الأسواق التي سيتم التوجه إليها وتحتاج نحو عام ونصف العام، حينها تنتقل خطط التطوير المقدمة من الشركة إلى هيئة إدارة قطاع البترول. وفي حال افترضنا أن الأمور سلكت بسلاسة دون عراقيل على مستوى الحكومات، فإنها تستغرق نحو عامين. وبعد أخذ الموافقة تبدأ الشركة ببناء الأنابيب. وهذا يستلزم نحو عام ونصف عام، ومن بعدها وقتاً اضافيا للبدء بالإنتاج.
بأحسن التقديرات من المتوقع أن تستغرق عملية استخراج الغاز من 4 إلى 5 سنوات في حال اكتشفت توتال الغاز اليوم، بمعنى أن العملية بشكلها الكامل تستلزم أكثر من ذلك الوقت. فحقل كاريش على سبيل المثال بوشر العمل به عام 2014 وأصبح جاهزاً عام 2018.
العوائد المالية للغاز وفي أفضل السيناريوهات، لن تكون كافية لنهضة الاقتصاد اللبناني، ما لم يتم إصلاح الاقتصاد من أزمته الراهنة. وتقول القيسي أنه في حال اكتشف لبنان حقلاً كبيراً على غرار حقل ليفياثان الإسرائيلي، فإننا سنحقق نحو 6 مليارات على مدار 15 سنة. من هنا لا بد من القول إننا من دون إصلاحات لن نحقق شيئاً مهماً كانت الثروة كبيرة. “فالازدهار الاقتصادي لا يتحقق إلا بوجود نظام حامٍ للعائدات وليس هادراً لها”.
عزة الحاج حسن