وثيقة الوفاق الوطني، عقدٌ ملزم لإرساء ركائز الكيان اللبناني التعددي، والبديل لن يكون ميثاقاً آخر، بل تفكيكاً لعقد العيش المشترك، وزوال الوطن الموحّد، واستبداله بكيانات لا تشبه لبنان الرسالة.

تغريدة السفير السعودي وليد بخاري تعكس موقف المملكة من اتفاق الطائف وأهميته الوطنية وتمسكها به في الظرف الذي يمر به لبنان. لكن التغريدة لم تأت وليدة اللحظة إنما الظروف التي حتمت هذه التخريجة بعد ساعات على إعلان السفارة السويسرية إلغاء العشاء الذي كان مقررا في السفارة. إلا أن انكشاف الستارة عن الأهداف الحقيقية للعشاء تبين أنه كان سيشكل تمهيدا لمؤتمر حواري يعقد في جنيف، دفع بعض المدعوين إلى الإعتذار.

محاولات قلب الطاولة على الطائف مستمرة للذهاب نحو مؤتمر تأسيسي وإيجاد نظام جديد لا يشبه وجه لبنان الرسالة في محيطه العربي. لكن هل طُبق اتفاق الطائف بعد 33 عاما على ولادته؟ أم أن التطبيق “الناقص” لبنوده أسهم في تعزيز مفهوم الانقسام بدل الوحدة الوطنية؟. والسؤال ألأهم الذي يطرح في ذكرى ولادته في 22 تشرين الأول 1989 ماذا بقي منه أو ماذا طُبّق منه؟

في كل مرة تصل الأمور الى عنق الزجاجة في حياتنا السياسية تكثر الآراء حول ما نُفّذ وما لم يُنفّذ من وثيقة الوفاق الوطني، وتتراوح اقتراحات الحلول بين من يدعو الى نَسفه من أساسه والذهاب الى مؤتمر تأسيسي.

الكاتب السياسي فايز قزي يعتبر أن “الطائف كان حاجة ماسة وضرورية وشرطاً لاستعادة الجمهورية في شكلها الديمقراطي بعد أن كانت مقسمة إلى ولايات تحكمها ميليشيات، فكان أن أعاد الدولة إلى صيغتها المركبة من مبادئ محددة وردت في مقدمة الدستور”. أما في الأشياء التفصيلية التنظيمية فقد أعطي صورة أخرى لمن تولى تنفيذها أي سوريا والأطراف الداخلية الموالية لها والتي كانت تتحكم بمفاصل الدولة وتؤدي دور الحارس والمنفذ لرغبات المجتمعين العربي والدولي، وقد عمدت إلى تحريف مواده ومن هنا كان كتاب الوزير ألبير منصور بعنوان “الإنقلاب على الطائف“.

يضيف:” يسعى الثنائي إلى تعديل النظام من خلال اتفاق الطائف وهذا يعيدنا إلى ما كتبه نعيم قاسم “نحن لن نطبق نظامنا الإسلامي على لبنان بالقوة بل سنستعمل الوسائل الديمقراطية. ومن أبرز النقاط الخروج من الديمقراطية الثلاثية إلى الديمقراطية المطلقة من خلال انتخاب رئيس للجمهورية من قبل الشعب واعتبار ذلك بمثابة استفتاء شعبي لانتخاب رئيس للجمهورية وهذا جزء من المخطط الإيراني الذي يسعى إلى ضم لبنان “إلى الأمة الإسلامية التي نَصَرَ الله طليعتها في إيران”. إلا أن تمسك السعودية واحتضانها لاتفاق الطائف يبقى الضامن الوحيد لعدم المساس بجوهره.

جوانا فرحات