وسط انسداد الافق السياسي والرئاسي في واقعٍ يُخشى ان يؤدي اذا ما ترافق مع فوضى اجتماعية وأمنية وانهيار اقتصادي، الى أزمة داخلية لا تنتهي إلا بـ”مؤتمرٍ ما” يضع النظامَ اللبناني بمجمله، تحت المجهر، جاء تثبيتٌ أُسس “الطائف”، ووسط تأكيدٌ عربي، على لسان السعودية، وأممي وفرنسي وفق ما قال سفير المملكة في بيروت وليد البخاري، على ان لا بديل عن الاتفاق، الذي تحوّل دستورا للبنان.. فهل سيُقصّر هذا الإجماعُ الخارجي على نهائية “الطائف”، مِن عمر الفراغ، ويَقضي على رهانات البعض على الشغور لتحقيق مآربهم السياسية والشخصية، أم لا؟ الجواب في قابل الايام، مع ترجيح كفّة الاستمرار في التعطيل حتى إشعار آخر “إلا اذا”.

في الذكرى الثالثة والثلاثين لتوقيعه، تم تكريسُ اتفاق الطائف من جديد كحاكِمٍ للعبة الدستورية في لبنان. وفي مؤتمرٍ مهيب شكلا ومضمونا، شاركت فيه شخصياتٌ سياسية، وقانونية وروحية لبنانية، من الصف الاول ومن مختلف المشارب أصرّت الرياض على دعوتهم حيث لفتت مثلا مشاركة “المرشح” رئيس تيار المردة سليمان فرنجية والمرشح النائب ميشال معوض، وبعض نواب التيار الوطني الحر، كان إقرارٌ بأن لم يتم تطبيق الطائف بعد، معطوفٌ الى تحذير من نسفه والى دعوة الى تنفيذ بنوده كاملة، مع اصرار على ان هذا المسار يجب ان يسبقه انتخابٌ لرئيس الجمهورية.

 في المواقف التي تخلّلت اللقاءَ شدّد البخاري على أن “الطائف يعكس اهتمام السعودية وقيادتها بالحفاظ على أمن لبنان ووحدته واستقراره والميثاق الوطني”. وحذر من ان “البديل عن الطائف لن يكون إلّا المزيد من الذهاب نحو المجهول”. وبرز اعلان السفير السعودي ان “فرنسا أكدت لنا أنه لن يكون هناك أي نية أو طرح لتغيير اتفاق الطائف”، مشيرا الى ان الاتفاق محط اجماع دولي ويؤكد نهائية الكيان اللبناني.

من جانبه، شدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على أن “الأهم اليوم انتخاب رئيس”. وقال “المعركة الكبرى الآن ليست في صلاحيات الرئاسية الواضحة دستوريا وسياسيا، بل المشكلة في انتخاب الرئيس”. أضاف ” الطائف كرس إنهاء الحرب وقبل البحث في تعديله علينا تطبيقه للوصول الى إلغاء الطائفية السياسية”.

من ناحيته اعتبر المطران بولس مطر، ممثلا البطريرك الماروني أن “المسيحيين والمسلمين أمة واحدة في اتفاق الطائف، ونحن في لبنان أخوة بالوطنية والعروبة والإنسانية، فنرجو من اللبنانيين وضع خلافاتهم تحت سقف الأخوة وليس فوقها”.

امميا دعت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا إلى “شحذ الهمم لتطبيق اتفاق الطائف التاريخي بما يضمن استقرار لبنان”.