تجاهل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب نصائح ومناشدات حلفائه ومستشاريه وتحدى الأصوات السياسية والإعلامية المحافظة التي حملته مسؤولية النتائج غير المرضية للحزب الجمهوري في الانتخابات التشريعية النصفية التي جرت الأسبوع الماضي، واعلن على طريقته المعتادة، الترشح مجددًا للفوز بتزكية اليمين لخوض انتخابات الرئاسة عام 2024. واذا خلت السنتان المقبلتان من مفاجات كبيرة ستكون الانتخابات المقبلة إعادة لسابقتها حين يتواجه ترامب والرئيس جوزيف بايدن في معركة تحمل رقمًا قياسيًا جديدًا يحطم رقمهما السابق كأكبر المرشحين سنًا في تاريخ أميركا.

حاول ترامب أن يستعيد حماس إعلانه الأول أو على الأقل استعادة أجواء جولاته الانتخابية، الا أن إنفعال مناصريه خارج المنتجع كان أكبر من الحاضرين في القاعة الذين استمعوا الى مبالغات ترامب واكاذيبه الصريحة وطريقته المعروفة في التحريض على الديمقراطيين ورموزهم وعلى المهاجرين، وبدا ترامب نفسه أقل حيوية ونشاطًا اثناء القاء كلمته التي دافع فيها عن نفسه بشكل غير مباشر محملًا مسؤولية النتائج المحبطة في الانتخابات الأخيرة للناخبين “الذين لم يستشعروا بعد حجم الخراب التي الحقه بايدن بأميركا”.

يقطع اعلان ترامب الطريق على عدد من المرشحين الذين سبق أن قالوا انهم لن يترشحوا ضده وابرزهم السفيرة السابقة نيكي هايلي والسناتور ريك سكوت ووزير الخارجية الأسبق مايك بومبيو والسيناتور تيد كروز، ويبقى في ميدان المنافسة من المعروفين حتى الآن حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس الذي يتصاعد نجمه في أوساط الجمهوريين بعدما فاز بإعادة انتخابه بفارق مريح الأسبوع الماضي، وهو ما أستجلب غضب ترامب فاطلق عليه لقب “رون مدعي القداسة” (DeSanctimounious)، كعادته في محاولة تحقير خصومه. اما المرشح الثاني فهو نائب الرئيس السابق مايك بنس الذي اختار اليوم نفسه لإصدار كتاب مذكراته عن أيامه في البيت الأبيض مع ترامب وفيه اتهام صريح له بخرق القانون وتعريض امن عائلته للخطر بسبب إصراره رفض نتائج انتخابات 2020، وعضو مجلس النواب ابنة نائب الرئيس السابق ليز تشيني الذي كانت أول من علّق على اعلان ترامب بالقول: “الآن يبدأ العمل لمنعه من الوصول الى البيت الأبيض”.

في التقويم السياسي، السنتان فترة طويلة جدًا مرشحة لكثير من المتغيرات والتحولات، لكن اذا لم يأت ما ليس في الحسبان قانونيًا أو صحيًا، من غير المستبعد أن يكرر بايدن وترامب مواجهتهما، وهو ما يتمناه الديمقراطيون الذين يجدون في ترامب مرشحهم المفضل لأنه وفق تقديرات خبرائهم وأرقام استطلاعاتهم سيخسر امام أي مرشح يختارونه.

الآن يبدأ الإنتظار الطويل.