لماذا تغيّرت لهجة حزب الله، من دعواته التوافقية إلى لهجة تحمل في مضامينها قراراً بالتصعيد والتمسك بمرشح من محوره؟
عندما كان الحزب يوجه دعواته إلى التوافق كان هناك مسار يحتوي نوعاً من مؤشرات التهدئة. وهو ما استلهمه الحزب في مرحلة ما بعد ترسيم الحدود البحرية. وقد سعى الحزب إلى الاستثمار فيها سياسياً. وبينما كان نبيه برّي يبدي الاستعداد لتوجيه الدعوات إلى حوار، جوبه بالرفض. ضاعت لحظة الترسيم والاستثمار به. فعاد التصعيد مجدداً، بناء على مواقف في الداخل اللبناني وفي الخارج.
قوى لبنانية متعددة عمدت إلى تصعيد لهجتها السياسية ضد الحزب فخرج أمينه العام معلناً عن تبني ترشيح “من يعرف المقاومة ولا يطعنها”. فعاد الحزب إلى قواعد التصعيد التي وضع ملامحها أمينه العام مع إبقاء الباب مفتوحاً.

التوتر دفع الحزب إلى التصعيد مع الإصرار على خوض معركة فرنجية، وسط معلومات تفيد بأن الرجل لم يتبلغ أي فيتو من أي جهة، الفرنسيين يؤيدون ذلك، فيما لا ممانعة أميركية. أما على صعيد الخطّ السعودي، فقد فتح فرنجية كوة في الجدار من خلال مشاركته في مؤتمر اتفاق الطائف. تبقى العقبة الأساسية في موقف جبران باسيل.
هنا تطرح أسئلة كثيرة، خصوصاً إذا كان حزب الله سيتمكن من إقناع باسيل بالسير بخيار فرنجية؟ لا جواب واضح حتى الآن، على الرغم من إصرار باسيل على تكرار مواقفه الرافضة للسير بفرنجية.

قد يعتبر الحزب أن باسيل لا ضمانات أخرى لديه سوى حزب الله، وكل أوراقه وعناصر قوته مستمدة من الحزب، خصوصاً أنه طوال السنوات الفائتة نُسجت علاقة على مساحة واسعة بشتى المجالات. ولذلك تتضارب التقييمات، بين من يعتبر أن باسيل ممسوك إلى حد ما من قبل الحزب، وهو لن يستطيع أخذ خيار آخر في النهاية. ويرتكز هؤلاء بأن كل منطلقاته تبدأ من العلاقة الأساسية مع حزب الله، وهذه النقطة تتيح بلحظة معينة أن يتمكن حزب الله من ترتيب العلاقة بشكل تحفظ فيه حصص جميع حلفائهم بأي طريقة.

في المقابل، ثمة من يعتبر أن هذه النظرة لا تبدو ثابتة، وأن باسيل لن يكون من السهل إقناعه. ويمكنه البقاء في خانة الاحتماء بمواقف الآخرين الرافضين لفرنجية، وبالتالي طالما أن فرنجية لا يمكنه أن يحصل على عدد الأصوات الكافي حتى وإن صوّت له تكتل لبنان القوي، فلا بأس بأن يبقى باسيل على موقفه.
سيكون الجميع في النهاية محكومين بالتوافق مع حزب الله، بينما الأهم هو عدم ترك الحزب أمام مجال المضي في التصعيد، بشكل يصبح أمام معادلة ترشيح واضحة ولا مجال للتراجع عنها، عندها ستكون المشكلة الأكبر.

منير الربيع