رغم الضجيج والمناكفات والمواقف المختلفة التي تُنقل من هنا وهناك، لم يُدلِ حزب الله بدلوه في الملفّ الرئاسي بعد، ولمّا يُسمِّ مرشّحاً. وعلى عكس ما يتخيّله الكثيرون، فقد حدّد على لسان أمينه العامّ مواصفات الرئيس العتيد، ولم يحصرها باسم دون آخر. ومن الجلسات النيابية إلى كواليس المداولات تتراكم مؤشّرات تؤكّد لحزب الله أنّ البحث الجدّي في الاستحقاق الرئاسي لم ينضج، والمخاض الرئاسي العسير لا يزال في بداياته.

حزب الله أطلق مجموعة حوارات في الشأن الرئاسي محلياً ودولياً، أبرزها في اتجاهين أساسيَّين: بكركي داخلياً وفرنسا دولياً:

يتطلّع حزب الله إلى بكركي باعتبارها أحد المداخل الرئيسية لبحث الملفّ الرئاسي اللبناني بسبب دورها وتأثيرها. ومن الطبيعي أن تنطلق المشاورات من البطريركية، وأن يتمّ الوقوف على رأيها والتشاور معها في الأسماء المتداولة.

التواصل بين بكركي وحزب الله مستمر منذ زيارة الوزير علي حمية في 13 أيلول، حاملاً “كعك العبّاس”. وفي معلومات خاصة عقد لقاء بين ممثّلين عن الطرفين قبل أيام في منزل صديق مشترك، تم البحث بالشأن الرئاسي.

أمّا على المستوى الدولي فقد شرع حزب الله في بحث الملفّ مع الفرنسيين. ويخوض الجانبان حواراً محصوراً بالملفّ الرئاسي لبحث إمكان الوصول إلى تفاهم. تكمن أهميّة فرنسا في أنّها تشكّل نقطة تقاطع بين عدّة أمور: فهي ترغب بلعب دور في لبنان، ونالت تفويضاً من الجانب الأميركي، وفي الوقت نفسه لا تزال على تواصل جدّي وعميق مع السعودية. وما فهمه حزب الله أنّ فرنسا تحاول أن تلعب دوراً في إقناع السعودية بدعم لبنان وتسهيل انتخاب الرئيس.

الحوار لا زال قائماً بين الجهتين. لكنّه مسار طويل بالنظر إلى التعقيدات الداخلية القائمة والخارجية، والفرنسيين يهتمّون لتحقيق أمرين هما عدم إطالة أمد الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن، إذ لا يجوز وجود رئيسين مسلمين على رأس السلطتين التشريعية والتنفيذية في حين أنّ رأس الدولة، أي منصب رئيس الجمهورية المسيحي الماروني، لا يزال فارغاً.

في الخلاصة، ما يهمّ الفرنسيين هو استعجال انتخاب الرئيس من دون الدخول في الأسماء. ليس لفرنسا، وفق ما تنقل مصادر المجتمعين مع الوفد الفرنسي، اسم مرشّح بعينه. لكنّها في المقابل لا تضع فيتو على اسم مرشّح معيّن. ما يعنيها هو انتخاب رئيس بأسرع وقت ممكن. وتلتقي في موقفها هذا مع البطريركية المارونية التي تخشى فراغاً رئاسياً يطول أمده ويغيّب دور المسيحيين عن الحكم.