عم نعطي أدوية للأطفال كأن ما عم نعطيهم شي”، يقول أحد أطباء الأطفال في الجنوب “قد يكون الدواء غير فعال، أو أننا في لبنان طورنا مناعة ضد أدوية المضادات الحيوية”.
طبيب آخر في بيروت يؤكد أن مريضاً دخل إلى المستشفى بعدما تبين أن دواء الأعصاب الذي ابتاعه من السوق السوداء ملوث ببكتيريا. ورفض الطبيب حتى ذكر اسم الدواء لعدم إثارة بلبلة.
يتداول الأطباء بين بعضهم البعض قصصاً حول الأدوية وفعاليتها، ومدى عدم تجاوب المرضى معها. ففي إحدى مستشفيات بيروت تبين أن دواء السرطان لم يعط أي نتيجة على الأطفال.
سوق الدواء في لبنان، وأحاديث الأطباء عن الأدوية حول مدى فعاليتها أو حتى تلوث بعضها، لا تخرج إلى العلن. فلم تحصل حادثة يضج بها الرأي العام بعد. أدوية كثيرة يلجأ إليها المرضى مهربة من تركيا والهند وغيرها، يتبين سريرياً أنها غير فعالة، وتستمر صحة المريض بالتراجع تدريجياً. وعلى سبيل المثال، دواء Augmentin المضاد الحيوي غير متوفر في لبنان، لأن الوكيل لم يعد له مصلحة في شرائه. وبعد انقطاع هذا الدواء لجأ الأطباء إلى البديل عنه Amoclan، المصنع في الأردن. والأدوية البديلة عنه من صنع سوريا وتركيا وإيران.. يلجأ الوكلاء إليها لبيعها في الأسواق. وهي بلا فعالية.
رغم رفع الدعم عن الأدوية، بمستويات مختلفة، تصل إلى مئة بالمئة، لا تزال هناك أدوية مدعومة أيضاً بنسب مختلفة تصل إلى مئة بمئة، مثل أدوية السرطان. وحيال حاجة المواطنين للدواء فتح السوق أمام الأدوية المهربة، أو بما يعرف بتجار الشنطة. ومشكلة التهريب أن المواطن يشتري دواءً لا يعرف مصدره وكيف تم تصنيعه. أما وجود الدعم على العديد من الأدوية ولا سيما تلك المتعلقة بالأمراض المزمنة، فيفتح المجال إلى تهريبها إلى الخارج.
في الصيدليات أدوية كثيرة ليست جينريك بل “براند”، أي دواء أصلي، بأقل من ثمنه المتعمد من الشركة المصنعة. ويعطي الطبيب مثلاً عن دواء نيكسيوم لأمراض المعدة. فهو متوفر في العديد من الصيدليات بنسختين واحدة للشركة الأم “أسترازينكا” وآخر مصنع في تركيا.