في تشرين الثاني الفائت سلّم الخبير الدولي في شؤون الطاقة رودي بارودي البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الدراسة الأولى من نوعها التي أعدّها حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، والتي كان بارودي عرضها في ندوته الأخيرة في جامعة “سيدة اللويزة” مستنداً فيها إلى خرائط حصرية للمنطقة البحرية المعنية ونقاط البداية والنهاية الدقيقة للحدود المتفَق عليها في البحر.

 

بارودي المُلمّ في كيفية سَبر غَور شؤون الطاقة الدولية والإقليمية وإصابة الهدف في قراءاته وتحاليله الطاقويّة، يشرح باقتضاب، مضمون دراسته الغني بالمعلومات والتحاليل والخرائط، ويقول: “يمثل اتفاق الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إنجازاً كبيراً ورائداً لجميع الأطراف المعنية وذلك لأسباب متعددة. صحيح ان كلا الطرفين قد تنازلا قليلاً ولكنهما كسبا الكثير، ليس فقط لأن كلاً منهما سيكون له الحرية في تطوير مورد طبيعي مهم له، بل لأن من خلال الاتفاق على ترسيم مقبول للطرفين للمناطق الاقتصادية الخالصة، سيقلل الجانبان من احتمال حدوث احتكاكات حربية جديدة بينهما قد تقوّض أمنهما”.

فوائد الترسيم بالنسبة إلى لبنان، بحسب بارودي، “فهي ذات قيمة خاصة، فلبنان الذي يعاني منذ ما يقارب ثلاث سنوات من انهيار اقتصادي ومالي كبير يُشبه الانهيار المالي والاقتصادي الشامل الذي عرفته ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، يحتاج الى استقرار على حدوده. والاتفاق لا يقلل من خطر نشوب صراع لا يستطيع لبنان تحمّله فحسب، بل يعزز أيضًا آفاق صادرات الطاقة التي توفر تدفقًا جديدًا للإيرادات المالية قد تكون مفيدة في إنقاذ المالية العامة، وإعادة الثقة للقطاع الخاص”.

ويرى أن “الاتفاق ليس مفاجأة بل حتمي للطرفين كونه يوفّر العديد من المزايا لكل”، يضيف: “العلاقات الدولية لا تحكمها العقلانية دائمًا، والفضل الكامل لإقناع الفريقين يعود إلى الولايات المتحدة لأنها تحلت بالصبر والعزم للتوصل إلى الاتفاق التاريخي”.

وينبّه بارودي إلى أنه “رغم الإيجابيات المصالح اللبنانية تفرض توخي الحذر مع الصناعة الجديدة. من المؤكد أن ظهور البلد كمنتج ومصدّر للطاقة سيعزز إمكاناته الاقتصادية، لكن الجدير ذكره انه حتى في أفضل السيناريوهات وبمجرّد تأكيد وجود النفط أو الغاز بكميات تجارية، سيستغرق الأمر بين عامين وثلاثة أعوام قبل أن يبدأ استخراجه”.

 

ويخلص بارودي إلى اعتبار أن “التحديات سهلة… الهندسة والبناء والمشتريات واضحة إذ تستخدم معظم مشاريع النفط والغاز البحرية الأساليب والآليات نفسها التي جُرِّبت واختُبِرت. في لبنان تحديداً، سيكون الجزء الأصعب تصميم وتأسيس وتنفيذ الإصلاحات القضائية والمالية والاقتصادية المطلوبة لحماية الثروة النفطية البحرية”.

ميريام بلعة