لو أراد خصوم جبران باسيل أنفسهم تدميره وحزبه لما كانوا نجحوا بالطريقة التي نجح هو فيها.

ست سنوات خاضها باسيل كـ “دونكيشوت” يحارب طواحين الهواء ماسكًا سيف النكد السياسي فدمّر مستقبله السياسي وكاد يدفن حزبه وحضوره البرلماني لولا حليفه الوحيد المتبقي حزب الله.

لا شيء يوحي بأنّ الرجل ليس الا هاوٍ لمعارك فارغة ومولعًا بالخسارة وتربية العداءات رغم أنه يحاول بين هدنة وأخرى شق طريقه إلى بعبدا للجلوس على كرسي بقي عليه عمه سنوات غير آبهٍ بأزمات خلقها وأخرى فاقمها.

يتّبع باسيل سياسة التطهير ذاتها داخليا وخارجيا، فيقصي الأقوياء والأوفياء ويترك من ينجح بتدميره. ما يحصل في الولايات المتحدة الأميركية خير دليل على عدم فهم باسيل اللّعبة السياسية أو أنّ للرجل حسابات أخرى تعود إليه بالنجاح متى ينهي تيار عمه.

انتخابات المجلس الوطني في الانتشار قد تكون المسمار الأخير في نعش التيار قبل أن يفرط، حيث اغتصب القانون وتم تجاوزه بكلّ غرور وعنجهية فوصل أندريه جبيلي.

وصول جبيلي كممثل أميركا بعد رفض الطعون المقدمة ضدّه لم يؤدِ لموجة استياء فقط بل “هشل” مناصرين وملتزمين من التيار الذي يعاني من فساد أخلاقي واستخفاف بتضحيات المنتسبين والمناصرين.

يتمتع جبيلي بسجل حافل من المخالفات، حيث اتهم رئيسة LACD في بوسطن ناتالي حمصي بالسرقة وعندما عيّنت محاميًا للادعاء عليه طلب إيلي حنا وباسيل منها التراجع عن هذه. الرجل استلم سابقًا وظيفة المسؤول الإعلامي ولم يقم بأي عمل إعلامي، فهل معيار الـ “ما خلونا” هو ما يدفع باسيل لانتقاء المقربين منه؟

في سلسلة فضائح جبيلي، يتبيّن أيضًا أنّ الرجل يشبه كسل التيار ومن خلال بحث صغير يتبين أنه تسجل للتصويت في الانتخابات غير أنه لم يفعل واختار السفر إلى لبنان. وبالتالي، هبط على حملة النائبة ندى البستاني متظاهرًا بأنه عنصر أساسي فيها. الرجل بسجله يبدو شبيهًا لباسيل وهذا ربما سبب تمسّك باسيل به إلى هذا الحدّ.

ما يحصل في السراديب اللّبنانية والخارجية لا يفضح فقط التردي الأخلاقي الذي يضرب التيار بل أيضًا عدم قدرة صهر عون على فرض نفسه كرئيس جدي كلمته مسموعة داخل تياره، وما يدعم هذه الفرضية يكمن بمقاربة بسيطة بين الخضّات الداخلية التي يمرّ بها التيار والتماسك الشديد داخل كلّ الأحزاب الأخرى التي يحاربها. يبدو أنّ الرجل إما غائب تمامًا عن ما يعانيه حزبه كما كان حال عون في بعبدا تجاه معاناة اللّبنانين عبر مستشارين لا ينقلون الصورة الصحيحة إليه أو أنّ باسيل يذهب برجليه للانتحار السياسي والإفلاس الشعبي.