لم يكن مفاجئاً ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء في الساعات الماضية ولو أن هذا الإرتفاع قد أتى بوتيرة منخفضة وبطيئة ممّا كان عليه الحال قبل صدور تعميم مصرف لبنان المركزي الأخير، والذي أعلن فيه عن بيع الدولار ومن دون سقف لكل المواطنين، على منصة “صيرفة” بسعر 38 ألف ليرة.

السبب وفق أوساط إقتصادية مطلعة، لا يرتبط بالتعميم أو بالتضخم أو بتهافت اللبنانيين على المصارف في الأيام الأخيرة، بل بالإفلاس السياسي بنتيجة قرارٍ خفي، ما زال يتحكّم بالمشهد العام وتحديداً بالإستقرار النقدي، حيث أن التوتر السياسي وعدم انقشاع الرؤية على صعيد الإستحقاقات الدستورية، قد لجم الصدمة الإيجابية التي حققها تعميم “المركزي” والتي أدت إلى تراجع سعر الدولار في السوق السوداء.

وقف تدهور سعر الليرة سياسي بالدرجة الأولى، إذ لا يمكن ضبط مشهد الفراغ في السلطة والشلل العام وليس فقط في موقع رئاسة الجمهورية، إضافةً إلى انعدام الثقة بالمؤسسات والتي تضغط بشكلٍ خاص على العملة الوطنية، التي تتراجع يومياً.

واذا كانت تعاميم المركزي ضرورية ومؤقتة بانتظار الإجراءات الإقتصادية والإدارية، ولكن طالما أن الأزمة السياسية باتت من دون سقف، فإن سعر الدولار سيبقى أيضاً من دون سقف.

فالمشكلة سياسية ولم تعد مالية أو متصلة بالتهافت على الدولار أو حتى بدخول ملايين الدولارات “الفريش” إلى الأسواق في المرحلة الماضية. سعر الدولار وهمي وكذلك الخطط الإقتصادية والوعود بالحفاظ على الودائع في المصارف، وبالتالي فإن مفتاح الحل يرتكز في إطلاق خطة إقتصادية وبحوار اقتصادي تزامناً مع انتظام الحياة السياسية انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية.

من غير الممكن لجم الطلب على الدولار الذي سيتضاعف مع انسداد الأفق السياسي وإفلاس السلطة في إطلاق أي تحرك يساهم في إعادة انتظام السياسة النقدية.