مستغربٌ أن تقوم الأحزاب المسيحية الكبرى بعدم تقديم مرشّح من صلبها لرئاسة الجمهورية. القوات والكتائب يريدان ميشال معوض، والتيار الوطني الحر يسعى لإيصال مرشّح توافقي، ولم يُرشح رئيسه رغم رغبته بخلافة عمه الرئيس السابق ميشال عون.

مفهومٌ أن يكون ترشيح شخصية مارونية من “القوات” محصوراً بـ سمير جعجع، لكن ما ليس مفهوماً ولا واضحاً، لماذا ترشيح شخصية من التيار محصور فقط بجبران باسيل!

عددٌ كبير من النواب الحزبيين والمستقلين يبدون استعدادهم التصويت للنائب آلان عون كرئيسٍ للجمهورية، لكن هؤلاء النواب، يرفضون انتخاب باسيل تحت أي ظرفٍ من الظروف ولعدة اعتبارات وأسباب يطول شرحها. هنا يكمن الفارق بين “القوات” والكتائب من جهة و”التيار الوطني” من جهة أخرى.

عندما صرّح باسيل أن ترشيح شخصية من التيار محصورٌ به، شهدت أروقة ميرنا الشالوحي خلافات جوهرية وتباينات في الآراء بين القياديين. وكان هناك وجهة نظر ترفض اختصار التيّار بشخص رئيسه، بل يحقّ لأي نائب من تكتل لبنان القوي الترشّح ولم لا، الوصول إلى سدة الرئاسة.

ليس خفياً على أحد أن النائب آلان عون، يملك مواصفات تجعله مقبولاً عند معظم النواب، وهذه الميزة لا يملكها باسيل وهذا ما يدفعه لمنع أي نائب من إعلان ترشّحه لرئاسة الجمهورية. وبذلك يكون باسيل قد حرم آلان عون من رئاستين، الأولى هي رئاسة التيار الوطني والثانية رئاسة الجمهورية.

ما يغيب عن بال كثيرين، أن بعض نواب التيار لا يمكن رميهم بالإتهامات التي يُرمى بها فريق العهد العوني. بعض النواب ومن بينهم آلان عون، لم يشاركوا في صنع القرار ولا في تشكيل الحكومات ولا حتى في التعيينات والتسويات والمبادرات. لذلك لا يمكن وضعهم في الخانة نفسها مع باسيل، لكن الأخير وبعدما انتهى عهده، يريد وضعهم في نفس الخانة معه، ويفرض عليهم معادلةً واضحة مفادها أن “الترشّح لرئاسة الجمهورية ممنوع، ونقطة على السطر”.

الوضع داخل التيار الوطني لا يزال متشنجاً بعض الشيء في ما يتعلق برئاسة الجمهورية. لم ينجح باسيل حتى اللحظة بإقناع جميع النواب بمخططه، وقد لا ينجح أبداً. لكن أمام هذا الواقع الذي يفرضه باسيل، وحدهم النواب الصقور ومن بينهم آلان عون، يتحملون مسؤولية ما آلت إليه أوضاعهم نتيجة بقائهم تحت سلطة باسيل والمحاربة بسيفه. ومن غير المفهوم لماذا هؤلاء النواب عجزوا عن الإنتفاض على باسيل في وقت تجرأوا وكانوا من أشدّ المحاربين للنظام السوري على مدار سنوات!

محمد المدني