لا بوادر للحلحلة السياسية رغم كل التحركات التي تشهدها الساحة اللبنانية. تحركات تبقى عاجزة عن إنتاج أي حلّ. من بينها، تأتي مبادرة رئيس التيار الوطني الحرّ، جبران باسيل، تحت عنوان “ورقة الأولويات الرئاسية”، واللقاءات التي يعقدها للبحث في إمكانية التوافق على مرشح غير فرنجية وجوزيف عون.

في المقابل، تجدد القوات اللبنانية حركتها من الساحة المسيحية وباتجاه أوسع، من خلال الحديث عن إمكانية التقدم بمبادرة جديدة، بالتزامن مع لقاء جعجع مع نعمت افرام، بينما يعتبر القواتيون أن أي خطوة جديدة لا بد لها أن تحصل بالتنسيق مع ميشال معوض وبالتفاهم معه.
حركة الطرفان المسيحيان هدفها جس نبض في مسعى لتعزيز رؤية كل طرف على نحو يتقدم به على الطرف الآخر. ولكن لا يسقط الطرفان من حسابهما إمكانية الالتقاء على نقطة واحدة، في حال تمسك حزب الله أكثر بترشيح فرنجية. وحينها سيجد التيار والقوات نفسهما مرغمين على التفاهم لقطع الطريق على فرنجية، على قاعدة أنه لا يمكن انتخاب فرنجية في ظل معارضة الكتلتين المسيحيتين الأكبر.

كل التحركات لا تبدو قادرة على إنجاز الاستحقاق الرئاسي والوصول إلى تسوية، وأي تقارب فعلي وجدّي بين القوى المسيحية يشكل تطوراً مهماً على الصعيد السياسي والانتخابي، ما يشكل نقلة نوعية إزاء الاستحقاق، في حال لجوء أحدهما إلى خيار سياسي مختلف، كأن يذهب مثلاً باسيل أو جعجع إلى تبني خيار مرشح توافقي يمكن للآخرين أن يوافقوا عليه.

الاجتماع الرباعي في باريس سيعقد منتصف الشهر الحالي، او قد يتم تأجيله لأسبوعين. وفي هذا السياق تكشف مصادر متابعة أن الأسبوعين الماضيين شهدا زيارة لوفد سعودي معني بالملف اللبناني إلى العاصمة الفرنسية، وعقد لقاءً مع المسؤولين هناك. وفي هذا اللقاء كان الموقف السعودي واضحاً في الاهتمام المستمر بمسألة صندوق المساعدات وكيفية توزيعها، واستكمال عملية توزيع المبلغ المخصص، والذي تم صرف نصفه حتى الآن، فيما البحث يتركز على كيفية صرف النصف الآخر.

أما بشأن المسار السياسي، فلا يمكن الحديث عن اتجاه سعودي للتدخل في التفاصيل السياسية أو في الملف الرئاسي. بمعنى أوضح، السعودية لم تدخل في البحث التفصيلي حول أي مرشح وكيفية إيصاله. وهو مؤشر على عدم رغبة سعودية في الإنخراط بهذا الجانب. بل ربما تفضل انتظار ما يمكن أن تحمله التطورات، أو ما سيقدمه اللبنانيون وما سينجح الفرنسيون في الحصول عليه، بشكل يرضي السعودية. وبعدها يمكن لها أن تنخرط أكثر.

منير الربيع للمدن