زار الوفد الألماني القضائي محكمة التمييز في قصر العدل ببيروت، صباح الأربعاء، مجتمعاً بالقاضي غسان عويدات وبعض القضاة. الزيارة اتت بعد يومان على وصول الوفود القضائية الأوروبية إلى بيروت، لاستكمال تحقيقاتها بقضايا الفساد وتبييض الأموال، والتي تزامن معها انتهاء اعتكاف القضاة وتنظيف قصور العدل وتلميعها.
وزير العدل هنري الخوري عقد مؤتمراً لمناقشة الأطر القانونية للتعاون القضائي الدولي مع القضاء اللبناني، وذلك بعد أن انقسمت آراء القوى السياسية حول هذا “التدخل” الدولي، ووصفه تعدياً على السيادة القضائية اللبنانية من جهة، أو اعتباره إعلاناً واضحاً عن عجز القضاء اللبناني في لجم الفساد أو استكمال عمله في ملفات كبيرة، من جهة أخرى.
ثلاثة وفود قضائية من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ ستشارك في التحقيقات، ومن المفترض أن يصل الوفد الآتي من لوكسمبورغ في 16 كانون الثاني، وسيستمر التحقيق لمدة 4 أيام فقط، على أن يتم التعاون مع النائب العام الاستئنافي في محكمة التمييز، القاضي غسان عويدات.
في المقابل، اندلع سجال حاد بين القضاة بعد زيارة الوفد الألماني لقصر العدل ببيروت، فقد طلب المدعي العام التمييزي، القاضي غسان عويدات، من النائب العام الاستنافي، زياد أبو حيدر، تكليف محام عام استئنافي لإطلاع الوفد القضائي على ملف حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، غير أن أبو حيدر رفض طلب عويدات، وأقفل هاتفه وغادر قصر العدل. وبناءً على هذا التصرف قرّر عويدات إحالته على التفتيش القضائي.
مهمة الوفد القضائي الأوروبي التحقيق بقضايا الفساد وتبييض الأموال فقط، سيما أنه سيلتزم باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها لبنان في تاريخ 16 تشرين الأول 2009، إلا أنه طالب بلقاء القاضي طارق البيطار، وسيصار إلى تحديد موعد مطلع الأسبوع المقبل.
من الواضح أن تعطيل قضية المرفأ يعود لعدم موافقة وزير المالية، يوسف الخليل، على التشكيلات القضائية، ولكن باعتقاد الخوري اليوم، أن مجلس القضاء الأعلى يتحمل المسؤولية الكبرى لناحية تعيين القضاة. وعليه، طالب الخوري قضاة مجلس القضاء الأعلى بضرورة إيجاد الحلول القانونية لقضية المرفأ، مؤكداً أن لا سلطة قانونية تتيح له التدخل، علماً أنه في الأشهر الماضية حاول الضغط على مجلس القضاء الأعلى لتعيين القاضية سمرنده نصار محققة عدلية “رديفة”.
جميع المعطيات تشير إلى أن زيارة الوفود الأوروبية أمر في غاية الأهمية، والقضاء اللبناني أمام مسارين فقط، إما التعاون مع القضاء الدولي لمحاسبة الفاسدين أو التمرد عليه لحماية المصرفيين والسياسيين.