إرتأت قوى الفساد والطغيان أنّ أمضى سلاحين لقتل الحركات الشعبية المطالبة بالمحاسبة هما إمّا تسليح المنتفضين أنفسهم كي يقتلهم سلاحهم ويدفن قضيتهم، أو ضربهم واختراقهم وتشتيتهم فتتآكل وحدتهم وتتشرذم قواهم فيتناثر ثقلهم.
الشعب اللبناني أصاب السلاحان منه مقتلًا. من حمل السلاح للدفاع عن كرامته في مواجهة الإحتلال الفارسي كما الأسدي وقبلهما الإسرائيلي، كالشيخ أحمد الأسير حكم بالإعدام، ومن تظاهر سلمياً مطالباً بالشفافية والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب كثورة 17 تشرين 2019 لم يقمعه الجيش اللبناني لكن لم يدافع عنه في مواجهة الاعتداءات.
مع وفاة حافظ الأسد عام 2000 انتقلت سلطة الإنتداب إلى خليفته بشار، وأسندت إلى الرئيس إميل لحود، مهمّة التسويق لنظرية تحرير مزارع شبعا من دون المطالبة بترسيم الحدود مع سوريا.
بعد إغتيال الحريري عام 2005 وانسحاب جيش الأسد صار الإحتلال الفارسي وريثاً للإحتلال. لبنان يعيش خيار خاسر-خاسر لأنه عندما إعتمد خيار البندقية كان سلاحه ملك من زوّده به لا ملكه، ويوم أراد إطلاق ثورة سلمية، تخلى عنه حامي الشعب أي الجيش الوطني.
وهو ما أصاب أيضاً الثورة السورية التي كانت لدى إنطلاقتها في 18 آذار من العام 2011 مجرّد تظاهرات تطالب بإصلاحات ديمقراطية وتردد هتاف “سلمية سلمية”، فقمعتها أجهزة النظام التي أطلقت الرصاص الحي على المتظاهرين ما أدى إلى انشقاق أول جندي عن الجيش ورفضه تنفيذ الأوامر فتمّ تزويد الثوار السلميين بسلاح من مخازن حلفاء نظام الأسد في لبنان وتم تسديد ثمن السلاح من قبل إحدى الدول العربية الثرية.
أما المثال الأسطع على الإنتصار الأعزل والهزيمة المسلحة، فيرجع إلى الشيخ أحمد الأسير الذي هز عرش تحالف منظومة الفساد وسلاح الطغاة بتظاهراته واعتصاماته السلمية إلى أن ظهر حاملاً البندقية مدافعاً عن الثورة السورية فرفعوا عنه الغطاء السني الشرعي بانكفاء دار الفتوى عن التدخل لاحتوائه فتم اقتحام مسجد بلال بن رباح الذي كان يحتضن قيادته شرقي مدينة صيدا في حزيران 2013، حكم غيابياً بالإعدام في العام 2014، واعتقل في مطار بيروت وهو يحاول المغادرة بجواز سفر مزور في العام 2015 وفي 28 أيلول 2017 حكم بالإعدام وجاهياً.
كشفت مراجعة سريعة لمسارات الثورات الشعبية في العالم العربي في الربع الأخير من القرن الماضي والربع الأول من الحالي أن ما انتصر منها هو فقط الحركات غير المسلحة، أما الحركات المسلحة فانتهت إلى التناحر في ما بينها، بحيث تولّت، عن إدراك أو عدم إدراك، المهمة القذرة المقتصرة على الإنتحار والتشتت.
محمد سلام – هنا لبنان