أقفلت الأزمة المتنامية أبواب الحماية الصحية والاجتماعية، التي احتمى عدد هائل من المواطنين في ظلّها لعقود. فالمستشفيات باتت انتقائية في اختيار مرضاها لأن التغطيات المالية من الجهات الضامنة الرسمية، ما عادت تتناسب مع سعر صرف الدولار في السوق. ولا تنحصر المعضلة في المستشفيات الخاصة، بل ترزح المستشفيات الحكومية تحت وطأة أكبر، فجُلُّ نزلائها من غير القادرين على تأمين كلفة الاستشفاء، ما يُرتِّب أكلافاً غير مدفوعة، وتالياً تراجعاً في القدرة على تأمين المعدّات والمسلتزمات، أي ضعفاً في تقديم خدمة الاستشفاء.
أموال المستشفيات الخاصة
تتأخَّر المصارف في دفع المستحقات المالية للمستشفيات الخاصة، والتي بدورها تؤخِّر دفع مستحقات الشركات المستورِّدة للأدوية لتبقى أمام خيارين، إمّا ترك المريض بلا أدوية ومستلزمات، أو الطلب منه دفع ثمنها بشكل مباشر.
الخيار الثاني تبنّته نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة على لسان نقيبها سليمان هارون، الذي أعلن أن “المريض سيتحمّل ثمن أدوية علاجاته بعدما باتت المستشفيات الخاصّة غير قادرة على تأمينها، باستثناء البعض الذي ما زال يملك مخزوناً”.
المستشفيات الحكومية تحتضر
يمكن للمستشفيات الخاصة “الالتفاف” على عدم توفُّر الأموال بالطلب من المرضى تأمين الأدوية والمستلزمات فمن يذهب اليوم إلى المستشفيات الخاصة، يكون غالباً ميسوراً مادياً. لكن ماذا عن مرضى المستشفيات الحكومية؟
لا تقف معاناة المستشفيات الحكومية هنا. فتأخير إنجاز الترتيبات القانونية مع وزارة الصحة، يؤخّر المستحقات المالية. فعلى سبيل المثال تأخير توقيع العقود بين الوازرة وإدارات المستشفيات الحكومية، يحرم المستشفيات من تقديم فواتيرها للوزارة وقبض أموالها.
حلول لتخفيف الأزمة
لا حلول جذرية تُقَدَّم في هذا المجال. لكن يمكن لوزارة الصحة تخفيف الضغط عن المستشفيات عبر “ما يسمّى بكتاب وزير، وهو إجراء كان متّبعاً سابقاً، يقوم على حصول المريض على موافقة الوزير لإجراء صورة أو فحوصات طبية بلا حاجة لدخول المستشفى إن لم يكن وضعه الصحي يستدعي الدخول، وهو ما يقرّره الطبيب، على أن تتقاضى المستشفى كلفة العمل الطبي من الوزارة”.
كما يمكن لوزارة الصحة إطلاق مناقصة عمومية واحدة لشراء المواد الطبية والمستلزمات لكل المستشفيات الحكومية. فتستطيع بذلك إلزام الشركات المستوردة بخفض الأسعار واختيار جودة ممتازة، وتوقِف أبواب السمسرات المفتوحة.