يبدو أن تعويل وزير التربية عباس الحلبي، لإنقاذ العام الدراسي، على جلسة مجلس الوزراء التي وعد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بتخصيصها للموضوع التربوي، مجرد سراب. لم يكن لدى ميقاتي حلول لهذا الملف الشائك، وهذا أحد الأسباب الأساسية التي أدت إلى “تطيير” الجلسة. فقد أيقن ميقاتي أنه غير قادر على تلبية ما يطالب به “أهل” القطاع التربوي، سواء لناحية مطالب أساتذة التعليم الرسمي أو لناحية مطالب أساتذة الجامعة اللبنانية أو حتى أساتذة القطاع الخاص.

الوزير عاجز عن دفع حوافز أكثر من تلك التي عرضها سابقاً (تسعون دولاراً) والاتكال على الحكومة لرفع بدل النقل أو اعتماد سعر صيرفة خاص بالأساتذة، غير مضمونة النتائج. بالتالي قد يصار إلى طرح أفكار على سبيل العودة إلى التعليم ليومين أو لثلاثة أيام بالأسبوع، مع ترجيح ثلاثة أيام. بما يعني محاولة تخفيف الأعباء على الأساتذة كي يقبلوا بالعودة إلى التعليم. لكنها أفكار غير تربوية وسبق وعرضها أحد أطراف رابطة التعليم الثانوي، ولاقت رفضاً من أعضاء الرابطة قبل الأساتذة نفسهم. فهم يريدون تحسين وضعهم المعيشي وليس العمل أقل، على قاعدة العمل بقدر الراتب. وعليه ستتكرر مشاهد انتفاضة الأساتذة على الحلبي كما حصل في المرتين السابقتين: طرح الخمسة دولارات يومياً ثم طرح المئة دولار عن الأشهر الثلاثة المنصرمة.
التعليم ليومين أو ثلاثة في الأسبوع يعني القضاء على التعليم الرسمي، لأنه حتى على المستوى اللوجستي سيعقّد التعلم على الطلاب، وسيؤدي حكماً إلى تخفيض المناهج أكثر من السابق، وذلك بعد ثلاث سنوات على التخفيض المستمر للمناهج. وبالتالي، على الحلبي رفض هذه المقترحات التي تودي بالطلاب إلى الجهل المحتم.

لا خلاص إلا بقرض البنك الدولي
الوزير يدور في الحلقة المفرغة عينها، والأوضاع المستجدة وتآكل رواتب الأساتذة ومساعدات الدولة، تقفل باب الحلول التي فكر بها الحلبي قبل أسبوعين. أما التفكير بمساعدة الأساتذة من أموال اليونيسف والاتحاد الأوروبي غير كافية لتأمين أكثر من تسعين دولاراً.
على الحلبي الضغط على القوى السياسية لتحويل قرض البنك الدولي (تبقى منه خمسين مليون دولار) إلى حوافز للأساتذة. فحينها يستطيع دفع ما سبق ووعد به، أي 130 دولاراً عن تسعة أشهر، ويتم تمرير ما تبقى من العام الدراسي على خير. غير ذلك سيواصل الأساتذة إضرابهم المفتوح، الذي دخل أسبوعه الرابع، وسيمدد إلى أجل غير معروف.