السنة الثانية على الحرب الروسية الأوكرانية عنوانها هجمات طائرات من دون طيار على العمق الروسي. وكانت الطائرات المسيرة الروسية قد قصفت، طوال شهور الشتاء الثلجي، معظم الأراضي الأوكرانية، عمليات الصفع المتبادلة بهذا السلاح، جعلت الطائرات المسيرة رمزاً لهذه الحرب، ما يطرح أسئلة حول عدد كبير من قضايا الصراع العسكري المستقبلي، لا سيما الصراع بين الغرب والصين.

ضربت الطائرات المسيرة الأوكرانية، مع الساعات الأولى من شهر آذار، منطقة بيلغورود الروسية، ومصفاة نفط في بلدة توابسي بمنطقة كراسنودار، وخزان نفط كبير في تمريوك بمنطقة كراسنودار. وأُعلن اسقاط طائرة مسيرة في جمهورية أديغيا، وأخرى في منطقة موسكو، وأُغلق المجال الجوي في مدينة سانت بطرسبرغ بسبب جسم غير معروف في سماء المدينة، وأُبلغ عن انفجارات في مطار ييسك.

ويُعدّ التوجه الروسي نحو ابتكار وتصنيع المسيرات، من الأبكر في العالم، ويمتد إلى زمن غير معروف من الحقبة السوفياتية. لكن تفكك الاتحاد السوفياتي وتوقف الأبحاث في هذا المجال جعل روسيا في مرتبة متأخرة، الأمر الذي سمح لدولة مثل إيران بالتقدم عليها في هذا المجال، مع أن طهران اعتمدت في تطوير هذا القطاع على العلماء والخبراء الروس الذين التقطتهم من الجامعات وأكاديميات الهندسة العسكرية بُعيد انهيار الاتحاد السوفياتي. أما الاهتمام الأوكراني فقد بدأ العام 2014، إثر احتلال شبه جزيرة القرم.

تقوم الطائرات المسيرة بمهام لم تكن تخطُر في بال، مثل استعادة الأسرى والجرحى من ميادين القتال، وسرقة المكونات الحساسة مثل أجهزة اتصالات الطرف الآخر لاختراق منظومته الالكترونية، علاوة على المهام المعروفة مثل الاستطلاع والقصف والهجمات الانتحارية وتوجيه القذائف الصاروخية والقصف المدفعي إلى أهدافه. وسيؤدي استخدام الأوكرانيين للطائرات المسيرة بكثافة في المرحلة المقبلة، إلى إجهاض أي هجمات روسية متوسطة أو صغيرة وتقويضها في العمق، وذلك من خلال استهداف منظومة القيادة والتوجيه والإسناد المدفعي والصاروخي عبر الطائرات الانتحارية التي يمكن توفير الآلاف منها لمهمات استراتيجية واسعة النطاق لتطير كأسراب الجراد المدمر، وهو ما سيكون عنصراً موازناً للتفوق الجوي الروسي الحاصل.

المخاطر التي يطرحها هذا السلاح تشمل المخاوف من تمكّن المنظمات والدول الإرهابية من تطوير قدراتها فيه، نظراً لسهولة تصنيعه انطلاقاً من مكونات تجارية، وللأضرار الاستثنائية التي يمكنه إحداثها.

ووفق هذا التقدم المتسارع، وما يمكن وصفه بثورة صناعة الطائرات المسيرة، التي يعدّ مسرح الحرب الروسية الأوكرانية أوسع مختبراته، ستبرز الحاجة إلى وضع هذا الملف في لائحة أولويات القانون الدولي، باعتباره واحداً من أخطر التهديدات للسلم والأمن العالميين.