انشغلت الأوساط الزراعية والشعبية اللبنانية بدخول باخرتين محمّلتين بالبطاطا المصرية (6000 طن) ما أثار أزمة داخلية وسجالاً بين مزارعي البطاطا في عكار من جهة، والحكومة اللبنانية ووزارة الزراعة من جهة أخرى. واتّهم مزارعو عكار وزير الزراعة بالتراجع عن وعدٍ قطعه للمزارعين، بأن أي حبّة بطاطا مصرية أو غير مصرية لن تدخل الأسواق بعد تاريخ 31 آذار المنصرم. فماذا يعني هذا التاريخ بالنسبة لمزارعي البطاطا في عكار؟
من المعروف أن البطاطا العكارية تبدأ زراعتها من بداية السنة، ويستحق قلعها اعتبارًا من بداية نيسان وطوال شهري أيار وحزيران، حسب كل مزارع والشهر الذي بدأ فيه زراعته. ووفق ما يروي المزارعون في عكار، الذين التقوا بوزير الزراعة قبل أشهر، فإن الأخير وعدهم أنه “بعد 31 آذار لن تدخل بطاطا إلى لبنان”.. أي عندما يبدأ قلع البطاطا العكارية، لن تكون هناك أي بطاطا في السوق المحلي اللبناني إلا هي، ما يسمح للمزارع العكاري ببيع البطاطا بالسعر المناسب الذي يؤمّن له استرداد التكاليف وتحقيق الأرباح أيضاً. لكنّ مزارعي عكّار تفاجؤوا بأن السلطات اللبنانية تريد إدخال باخرتين مصريتين جديدتين محملتين بالبطاطا. وهذا عكس ما تم الاتفاق عليه مع وزير الزراعة ويخالف الرزنامة الزراعية المعمول بها.
على الأثر، زار وفد من مزارعي عكار نجيب ميقاتي الذي لم يتجاوب مع مطلب الوفد العكاري بوقف إدخال الباخرتين. بعد تهديد المزارعين بالتصعيد في المرفأ وأمام السراي الحكومي ووزارة الزراعة، رمت الأخيرة الكرة في ملعب رئيس الحكومة، وقالت في بيانٍ لها حول الأزمة “إنّ الباخرتين المشار إليهما بالاعتراض وصلتا إلى لبنان بتاريخ 31 آذار لأن السلطات المصرية أرسلت كتباً أكدت فيها أن موانئ مصر أُغلقت يومي 29 و30 آذار لسوء الأحوال الجوية وعاودت العمل صباح يوم 31 آذار، مما تعذر معه إبحار الباخرتين نوران ومريام المحملتان بالبطاطا والبصل من تاريخ 27/3/2023، علمًا أن الباخرتين المذكورتين قد توجهتا إلى مرفأ بيروت صباح يوم 31 آذار، ووصلت إليه في الأول من نيسان 2023”.
وبينما يستعدّ معظم مزارعي عكار لقلع موسم البطاطا في غضون أسبوع أو اثنين، على أبعد حد، فإن خسائرهم هذه السنة ستكون كبيرة جداً وبملايين الدولارات. فأصغر مزارع فيهم تكلّف على أرضه وموسمه قرابة الخمسين ألف دولار، وهذا الرقم يتصاعد إلى حد وجود مزارعين تكلّفوا على أراضيهم أكثر من مليوني دولار. فماذا سيكون وضع هؤلاء عندما تُغرق البطاطا المصرية الأسواق؟