ظهر الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، في موقع المدافع أمام الانتقادات التي توجّه إليه على خلفية «جر لبنان إلى الحرب»، بعد نحو 6 أشهر من بدء المواجهات في الجنوب بين الحزب وإسرائيل.

وكان لافتاً، إضافةً إلى تجديد التأكيد على ربط جبهة الجنوب بجبهة غزة، حديث نصر الله عن تداعيات الحرب الكبيرة على تل أبيب عبر المنطقة الشمالية، من جهة والتخفيف من وطأة الحرب على الجنوبيين بشكل خاص واللبنانيين بشكل عام، من جهة أخرى.

كان نصر الله قد قال في احتفال إطلاق الأمسيات القرآنية لشهر رمضان: «جبهتنا اللبنانية ستبقى في موقع المساندة إلى جانب مقاومة أهل غزة وقيادة حركة (حماس) أيّاً يكن الوقت». وأكد: «جبهتنا اللبنانية تؤدي واجبها ودورها بشكلٍ كامل في هذه المعركة، وصراخ المستوطنين يعلو من عمليات المقاومة، وهناك تكتم شديد على الخسائر والآليات والقتلى والجرحى… والجيش الإسرائيلي اليوم مُتعب ومُستنزف في كل الجبهات وعدد قتلاه كبير جداً وأكبر بكثير من المُعلن، وهو غير قادر على فتح حرب على الجبهة الشمالية».

وردَّ على منتقديه قائلاً: «مَن يريد تقييم ما تقوم به المقاومة في الجبهة اللبنانية عليه أن يرى ردع المقاومة للعدو عن القيام بحرب على لبنان، والأمر يحتاج إلى بعض الوقت، ومجتمع هذا العدو بدأت ظواهر التعب عليه، وجيشه واقتصاده في حالة تعب أيضاً».الباحث والأستاذ الجامعي مكرم رباح، عدَّ كلام نصر الله انعكاساً لـ«القراءة الخاصة بمحور الممانعة لما يحصل في الساحة الإسرائيلية، وتحديداً لجهة اعتباره أنه لو مات كل الفلسطينيين وبقيت حركة (حماس) موجودة فهذا يعني أن المحور لا يزال قوياً». ويقول رباح لـ«الشرق الأوسط»: «لا يزال نصر الله يصر على ربط الجبهات رغم أن المبعوث الأميركي آموس هوكستين كان واضحاً في أن هناك فصلاً تاماً بين الجبهتين، إضافةً إلى محاولته التعتيم على الخسائر في الجنوب وما تكبده الأهالي من معاناة»، مضيفاً: «تكرار (نصر الله) القول إن أهل الجنوب قادرون على التحمل، هو كلام غير دقيق، كما أن لومه للدولة اللبنانية بالقول إنها لا تقف إلى جانب أهل الجنوب وتخلت عنهم هو كذلك أيضاً».

وإذا كان الأفرقاء اللبنانيون، ولا سيما المعارضين منهم لـ«حزب الله»، يرفضون زج البلاد في الحرب وتفرّده بقرار الحرب والسلم، فإن مناصرة معظم أهالي الجنوب لـ«حزب الله» لا تعني أنهم يؤيدون الحرب، وفق ما يؤكد الأمين، ابن الجنوب أيضاً. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «فكرة تأييد أهالي الجنوب للحرب غير صحيحة بتاتاً وليست واقعية، ما يقوله البعض على وسائل التواصل الاجتماعي لا يعني بالتأكيد أنها تعكس حقيقة الواقع على الأرض. فهؤلاء الذين تضرروا بشكل كبير من الحرب ونزحوا من منازلهم وخسروا بيوتهم وأرزاقهم وأعمالهم لا يؤيدون الحرب، لكن ليس لديهم أي خيار آخر إلا تأييد (حزب الله) في ظل غياب الدولة وانتظار المساعدات التي يحصلون عليها منه أو عبره، إضافةً إلى أنها لا ترى أي أفق أو ثمن لما تدفعه».

وكان نصر الله قد لفت إلى أن جزءاً أساسياً من اقتصاد إسرائيل في المنطقة الشمالية، وهو تأثر كثيراً في الحرب، مشيراً إلى أن الخسائر في جنوب لبنان لا تقارَن بالخسائر في المنطقة الشمالية، حيث المؤسسات السياسية والتجارية والاقتصادية، لكن في الجنوب الخسائر محدودة لعدم وجود هذا الكم من المؤسسات.

وتقدَّر خسائر الاقتصاد اللبناني بما بين 7 و10 مليارات دولار وفق ما أعلن وزير الاقتصاد أمين سلام، فيما قُدِّرت الخسائر التي أصابت القطاع الزراعي بـ2.5 مليار دولار أميركي. وأعلن وزير الزراعة عباس الحاج حسن، القضاء على عشرات الآلاف من الدونمات الزراعية نتيجة القصف الإسرائيلي بالفسفور الأبيض، إضافةً إلى نحو 5 آلاف شجرة زيتون.

وقد سُجّل تدمير نحو ألف منزل حتى الآن، وفق ما أعلن وزير الداخلية بسام مولوي، وتضرّر نحو 5 آلاف منزل، إضافةً إلى نزوح أكثر من 90 ألف شخص من بلدات الجنوب.

بدوره، ردّ النائب في حزب «الكتائب» اللبنانية نديم الجميل، على كلام نصر الله، وكتب على حسابه بمنصة «إكس»: «بدعة (حزب الله) عن حروب استباقية برهنت على فشلها بعد الحرب السورية، وما سبَّبته في لبنان من أزمات ونزوح وجرائم… اليوم، جبهة المساندة الذي يُتحفنا بها نصر الله، لا تجلب للبنان غير الويلات والدمار». وأضاف: «حزب الله لا يحمي ولا يدافع عن لبنان… الذي يحصل في غزة من دمار ومأساة وجوع وليس انتصاراً للفلسطينيين… والذي يحصل في الجنوب والبقاع ليس دفاعاً ولا مساندة ولا انتصاراً». مؤكداً: «لا خلاص للبنان قبل نزع سلاح كل الميليشيات وتطبيق القرارات الدولية وعلى رأسها القرار 1559».