الجمهورية اللبنانية التي عرفها اللبنانيون طوال مائة وأربعة أعوام باتت اليوم جمهوريتين متداخلتين جغرافياً في بعض الأقضية، تحكم علاقتهما خلافات جوهرية ومقاربات متباعدة: الجمهورية الإسلامية في لبنان والجمهورية اللبنانية. الأولى عضو مؤسس في منظومة الساحات الممانِعة والثانية عضو مؤسس في الأمم المتحدة تحترم المواثيق الدولية. وتمتلك الجمهوريتان حدوداً مشتركة مع الجمهورية العربية السورية ودولة إسرائيل (الكيان الصهيوني).

للجمهوريتين مؤسسات مشتركة منها مجلس نواب مُشكّل من 128 عضواً يتوزّعون بين ممثلين يتبعون بشكل مباشر أو غير مباشر للمرشد الأعلى وبين ممثلين متلونين تتغير ألوانهم بحسب الظروف وبين ممثلين طبيعيين يمارسون دورهم البرلماني كما أي نائب مُنتخب ويمثل مصالح دولته وآمال ناخبيه.

للجمهورية اللبنانية قواتها المسلّحة من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام وأمن دولة وللجمهورية الإسلامية قواتها العسكرية من وحدات مقاتلة ووحدات نخبة وانضباط تعمل هنا ويُستعان بها في الخارج لكفاءتها العالية ولها أذرع ملثّمة تظهر مرة في بيروت ومرة في عكار ومرة في البقاع. تتعايش القوتان الأضعف والأقوى على مضض وتتجنّبان الصدام. وبعض من يخرج من الخدمة يتطوّع في خدمة الحزب كما الفيلد مارشال أمين حطيط.

للجمهوريتين حكومة واحدة، تعود إمرتها الفعلية للجمهورية الإسلامية، أي لـ»حزب الله» ولو وضع وزراؤه ربطات عنق و»ترغلوا» بالإنكليزية أو رطنوا بالفرنسية. ولهؤلاء مقاربات مذهلة وتغريدات تستحق أن توضع في إطار كآيات بيّنات.

للجمهورية الإسلامية في لبنان، باقة من رجال الإعلام والدين والأتباع المتميزين بشراسة الطبع والكراهية المستدامة والشيخ أحمد قبلان نموذج ليس فيه شيء من الإمامين: محمد مهدي شمس الدين وموسى الصدر. وللجمهورية اللبنانية مفتٍ وبطريرك وشيخ عقل وصحافة حرّة لا تؤثر فيها السحاسيح ولا العبوات القاتلة.

تعيش على أرض الجمهوريتين ستة شعوب: الشعب الأعمى. الشعب الذمي. الشعب الحر (والعنيد). الشعب الشقيق. الشعب المتلوّن. الشعب المسكين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المصدر: نداء الوطن

الكاتب: عماد موسى