لا يختلف أحد على ان المقاومة الاسلامية في لبنان تأخذ طابعا دينيّا، لا قوميّا، ولا صلة لها بالعروبة، وكان لإسرائيل مصلحة في مرحلة ما ان تبدل الصراع في المنطقة من صراع قومي الى صراع ديني، فسحبت خلال اجتياح لبنان 1982 السجادة من المقاومة الفلسطينية المدعومة عربيا وسلمتها في نهاية الاجتياح الى حركة امل خلال انكفائها الى داخل الشريط الحدودي.
خلق الغرب الخمينيّة في إيران عام 1979، كفكر ديني، يساهم مع الدول الإسلامية المحافظة في الخليج بصد تمدد الاتحاد السوفياتي والشيوعية في الشرق الأوسط، واستطرادا، بإضعاف الحركات الثّوريّة القوميّة العربيّة، ألحليفة للإتحاد السوفياتي، ولاسيّما العراق، الذي كان وحده يقض مضاجع إسرائيل والغرب. كانت أولى معارك إيران في المنطقة ضد العراق. وكانت إسرائيل الحليف الخفي الذي زود ايران بالسلاح.
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي تبدلت الظروف والمعطيات وسقطت الإيديولوجيا الشيوعية. دفع الغرب الفكر الإيديولوجي الدّيني لملء فراغ الشيوعي.
استمدّ حزب الله فكره الإيديولوجي ومفهومه لدوره، من التزامه بنظام ولي الفقيه. لم يكن مقاومة لبنانية، ولا عربية، ولا فلسطينية. يمكن القول أنه، كان مقاومة أممية إيديولوجية، تأخذ أبعادها، وترسم أهدافها، وتحدّد خطاها وفقا لعلاقتها الإيديولوجية مع نظام ولي الفقيه الفارسي.
بعد اتفاق الطائف سحب سلاح الميليشيات باستثناء حزب الله. تجاهل الغرب أنه متهم بالإرهاب، وبقتل أميركيين، وفرنسيّين، فما الغرض والأسباب؟
من يظن أن السلاح موجه نحو إسرائيل ولخدمة فلسطين، يفترض ان يقتنع ان له غرضه الباطني، وعلى المفكرين والباحثين أن يتنبهوا إلى هذا الأمر. فهذا السّلاح، تمّ توجيهه أيضا، إلى غير إسرائيل، سواء في الخليج، أو سوريّا أو لبنان، وفي السّاحات الدّوليّة. ترك الغرب الديمقراطي، الحزب الذي وصفه بالإرهابي، والمدعوم من سوريا العلوية، يتابع حربه “المباركة خمينيّا” ضدّ إسرائيل، دول ومنظمات عابرة للحدود تجمعها عقيدة دينية ادت بما بعد لما عرف بحلف الاقليات والذي انضم اليه المسيحيون عن غباء فيما بعد.
عام 2000 خرجت إسرائيل من لبنان، انتصر الفكر الخميني حيث فشل القوميون الثوريون. فحان وقت إسقاط الفكر القومي الثوري. فاستغلت احداث 11 أيلول 2001 للهجوم على العراق وتدميره. وفيما بعد وبعد انتهاء دور القاعدة صنعت داعش لتثوير الصراع الديني في المنطقة بين السنة والشيعة، لتسهيل تقسيم البلدان والشعوب، فهل ما نشهده في لبنان نهاية لحقبة الحزب الديني الخميني وبداية حقبة جديدة كما حدث مع كل من سبق ذكرهم؟