غصّت وسائل التواصل الاجتماعي خلال الأيام الثلاثة الماضية بعبارات وصور التضامن مع الانتفاضة الفلسطينية بوجه الاحتلال الإسرائيلي.
لن ندخل في قدسيّة القضية الفلسطينية، لأننا لن نستطيع إضافة شيء إلى كل ما كُتب خلال القرن المنصرم، لكن للغيارى على القضية الفلسطينية وهم لبنانيون ويعتبرون أنفسهم وطنيّين حتى إشعار آخر نتوجه بالسؤال: “ألا يُفترض بكم التضامن مع اللاسياديين اللبنانيين الذين لا يأبهون لإخراج الاحتلال أو الوصاية أو الهيمنة الإيرانية على لبنان؟”
نعاني من طغيان ثقافة فارسية ومنطق شموليّ لم يشهده لبنان حتى في زمن التتريك أيام جمال باشا. فعندما نقول السيّد يُقصد به حسن نصرالله وكأنّه السيّد الوحيد على مساحة الوطن والباقون عبيد، وعندما نقول الحزب نعني به حزب الله وكأنّ الأحزاب الاخرى جمعيات خيرية، مع العلم أن التسويق الإعلامي لمحور المقاومة ومحاولة تصويره نموذجًا للحياة هو مفهوم ساقط شكلًا ومضمونًا. فمن تُراوده فكرة بيع منزله والانتقال للعيش في الضاحية الجنوبية أو صور أو بنت جبيل أو كفركلا أو الهرمل أو البقاع؟ مَنْ من سكان المتن يفكّر في الانتقال للعيش في رويسات الجديدة؟ أو من أبناء جبيل يريد الاصطياف في لاسا أو أفقا؟
كان من الأفضل على المتضامنين أن يتضامنوا أوّلًا مع أنفسهم ووطنهم ومع ثورة بلادهم، لكن مع الأسف، وعند كل استحقاق إقليمي، يُثبت هؤلاء بالحجة واليقين، أنّهم حصلوا على الهوية اللبنانية بالصدفة، فيما هواهم وأفكارهم وقضيتهم لا تمتُّ إلى لبنان بصلة.