عند اختبارنا ” الفرحَ والسلامَ الداخليّ بالإيمان ” نُدرك انّ تدبيرَ الله في حياتِنا هو أن يجعلنا أحرارًا باختيار مسيرتنا الشخصيّة. وخلالَ هذه المسيرة نواجِهُ حتميّاتٍ كثيرة تجعلنا نتّخذُ موقفًا منها، وما هذا الموقف الا اختبار لإيمانِنا بالله الذي يُعطينا النعمةَ والقدرةَ على اجتيازِ هذه التحدّيات.
وفي ظلّ الواقع المرير والظروف المأساويّة التي نقاوِمُها كلبنانيّين، أتوجّه من قلبي الى قلبِ لبنانَ المجروح والمعذّب والمدمَّر، برسالةٍ مفعمةٍ بالإيمانِ والرجاءِ بلبنانٍ جديد لن يُعيد بناءه الا شعبٌ مؤمنٌ بالله وبدعوتِهِ لأن يكونَ وطنَ الحريّة والكرامة والعيش المشترك.
هذا التحدّي ليسَ بِسهلٍ بتاتًا انّما يضعُنا بمواجهةٍ ما بين انسانيّتِنا الضعيفة التي تتجاذبها الظروف، وإيمانِنا العميق وثقتِنا بأن الله لن يترك شعبَهُ وأرضَه ” لبنان “:
إنّ لبنان هو الجبل الذي أقامهُ الله وقفًا له الى الأزل وحتى موسى مُنِعَ من أن تطأه قدماه.
لبنان هو ” قلب الله ” وعلى إحدى جبالِه تجلّى لتلاميذه.
لبنان الذي تغنّت به الأناشيد في الكتاب المقدّس اثنتي وسبعين مرّةً تعبيرًا عن انبهارِها بجمالِه.
لبنان الفريد والمميّز بخيراتِ الله التي أنعمَها عليه بجِبالِه المُنحنية أمام بحرِه، بسهوله ووديانه وفصوله.
لبنان الذي زاره يسوع مع مريم أمّه في الجنوب وصيدا وصور وفي سيدة المنطرة.
لبنان أرض القداسة المحروسَة من القدّيسين شربل، رفقا والحرديني والطوباويَّين اسطفان والكبوشي…
لبنان الرسالة الذي وطِىء أرضه وقبّل ترابه القديس يوحنا بولس الثاني ورفعه على المذابح خلال حبريّته.
لبنان المكرّس لقلب مريم الطاهر التي ردّت ولا تزال تردّ عنه الضربات في الجنوب والشمال وعلى طول سلسلة جباله.
واليوم …
حكمَت هذه الطبقة السياسيّة على لبنانَ وشعبِه بِشتّى أنواع التعذيبِ وساقتهُ نحو الصلب… الا انّه ما بعد الموت والصلب الا قيامة!! ويوم الحساب قادم لا محالَ!
قد تكون الفصول الأخيرة لهذه الطبقة السياسيّة موجعة جدًا وضريبتها باهظة على اللبنانيّين، الا انّ هذا الشعب الصامد منذ الأزل في مواجهة شتى أنواع الفتوحات والانتداب والاحتلال وغيرها… لا ولن يستسلم وسيبقى ثائرًا دائمًا وأبدًا في مواجهة سياسات الذل والتجويع والتهجير …
انّ قيامةَ ” لبنانٍ جديدٍ ” وعهدٍ جديدٍ هي نهايةَ عهدٍ قديمٍ رسم لبنان على صورته…
وحتىّ ذاكَ الوقت، فلنتسلّح بايمانٍ عميقٍ بأنّ الله وحدَه قادرٌ على وقفِ هذا التدهور الكبير عندما تحين الساعة!
فلبنان هو ” قلب الله” وشعبه “مجبول على صورة الله” وهو قادر على الصمود والوقوف دائمًا وأبدًا صدًا منيعًا في مواجهة أحلك الظروف، وما نكبة بيروت بانفجار 4 آب… الا دليل على أنّ شعبًا عظيمًا متكاتفًا وموحّدًا قادر وحده على إعادةِ بناءِ وطنٍ، رَوَت دماءَ شهدائِه، ليس أرضه فقط انًما بحره أيضًا … فأنبت سنابل قمح لوّنَت سواد الدمار.
نعم، سُلبت منّا أبسطَ مقوّمات العيش الكريم الا انّ إيماننا لن يسلُبَه أحدٌ منا… فلنتسلّح بالله القادر وحدَه على مساعدتنا في إعادة بناء ” لبناننا الجديد “.
“لبناننا” … ليس لبنانهم! قدّيسوه ذخائر معلّقة على جباله، وملائكته مجنّدة لحراسته…أرزُه سيبقى عاصيًا وشعبه ثائرًا حفاظًا على هويّته وكرامته.
المحامية داني الجميّل عقيقي