لم تترك ثورة 17 تشرين أي شك في نفوس المنظومة الحاكمة في أنّ المزاج الشعبي تبدّل أقلّه في الشكل، والتبدل لا بد ان يترجم في صناديق الاقتراع. عدد لا يستهان به من الكتلة الناخبة ستستعمل صوتها التفضيلي كصوت عقابي تحرم منه من اعتادت أن تناصره وتحاول إسقاطه في الحواصل الانتخابية.
دائرة الشمال الثالثة التي تضم أقضية الكورة بشري زغرتا البترون تشمل حتى اللحظة 4 مرشحين لرئاسة الجمهورية، سليمان فرنجية وميشال معوض من زغرتا، جبران باسيل من البترون وسمير جعجع من بشري، المعركة في الدائرة لها دلالاتها السياسية والاجتماعية علمًا أنّ المرشحين الأربعة فازوا في الانتخابات الماضية في القضاء وتمثلوا في مجلس النواب.
بعد انطلاق الثورة دخلت عقد عدة على شعبية الاحزاب، فجبران باسيل اليوم بحاجة لاكثر من حليف بعد ان تخلى عنه ميشال معوض ووليم جبران طوق، كما خسر دعم تيار المستقبل الذي سبق ان أرفد لائحته بأكثر من 5 الاف صوت بين البترون وزغرتا والكورة، خسر جبران حلفاء رئيسين اضافة طبعا الى التراجع الكبير في شعبية التيار الوطني الحر على امتداد الوطن، وعلى ما يبدو خلافه مع فرنجية من المتوقع ان يشتد قبل ان تتضح هوية رئيس الجمهورية المقبل.
سليمان فرنجية خسر من جهته حتى الساعة دعم النائب السابق بطرس حرب في البترون، فيما من المتوقع ان يكسب اصوات الكتلة السنية الناخبة في الدائرة.
القوات اللبنانية خسرت من جهتها حتى الساعة حليفها التاريخي حزب الكتائب اللبنانية، اضافة الى بعض التبدل الحاصل في مزاج الرأي العام خصوصًا بعد تغيب نائب البترون فادي سعد عن الساحة البترونية وسط امتعاض القواتيين غير الملتزمين.
يبقى الحزب القومي السوري الذي كان متحالفا مع سليمان فرنجية كتلة ناخبة بعيدة كل البعد عن تبدلات المزاج الشعبي، واذا استمر في دعمه لفرنجية، فهذا يعني ان حزب الله يريد وصول فرنجية الى الرئاسة، أما إذا ضغط الحزب على القوميين للتحالف مع باسيل فهو مؤشر ايضا الى نيات الحزب في اختيار خلف للرئيس عون.
اما على صعيد الثورة، فهي تغلغلت بدورها في اطياف المجتمع وهي تلاقي استحسان الجميع، لكن المعضلة الاساسية الني تواجهها انها لم تفرز قيادات ميدانية لها في الدائرة، لتبقى ممثلة بشكل او بآخر بحالة ميشال معوض العابرة لكل اقضية القضاء اقله من خلال الجمعيات الخيرية التي يديرها.
مصادر مطلعة على خفايا الاتصالات السياسية في الدائرة تؤكد ان الجهود توصلت الى اقناع معوض والكتائب وطوق وحرب على ضرورة خوض الانتخابات على لائحة واحدة، على ان تحدد الاسماء بعد التشاور وانتهاء الاجتماعات مع مجموعات الثورة الاخرى.
اعلان الثورة نيتها المشاركة في النزال في الدائرة الاهم في لبنان، قد يدخلها بدورها ايضا لاعبا اساسيا في تحديد هوية رئيس الجمهورية المقبل، ومن يدري قد ينتخب رئيسا للجمهورية من رحم الثورة.