قد يعتقد البعض ان الصراع السياسي والقضائي في لبنان هو مزيج من شد العصب الحزبي والمذهبي من جهة وسلسلة من الصدف السياسية التي تستغلها الاطراف الداخلية لتعزيز حضورها الانتخابي.

لكن بعيدا عن كل المواقف والاصطفافات، العلاقة بين رئيس الجمهورية “القوي” وحليفه الاقوى “حزب الله” يشوبها عقم يهدد ديمومة سيطرة محور الممانعة على لبنان، حزب الله يمعن في افشال العهد بكل قوته، فهو يعطل اجتماعات مجلس الوزراء حتى اقالة القاضي البيطار ولو استلزم الامر تدمير ما تبقى من صورة العهد القوي في اخر سنة من عهده، وكأن انجازات العهد تتحمل بعض النكسات.

ربما فعلا لم يعد حزب الله بحاجة الى شريك مسيحي قوي بعد ان سيطر على مقدرات البلد وصولا الى التأثير على ظروف اللبناني المغترب، فتصريح واحد لاحد معاقي محور الممانعة يهدد وضعية وحضور المغترب اللبناني سيما في بلدان الخليج العربي.

نعم على ما يبدو انتفت حاجة حزب الله الى غطاء مسيحي، فجبروته وقوته والـ 100 الف مقاتل وصاروخ بإمكانهم تأمين الغطاء الى شخصية مثل سليمان فرنجية للوصول الى الرئاسة وتأمين الغطاء الماروني له، في حين يتكفل سليم جريصاتي بالغطاء الكاثوليكي وايلي الفرزلي بالغطاء الارثوذكسي، نعم تحالف حزب الله مع التيار الوطني الحر لحما ورماه عظما، ودفع بذلك التيار ثمن تغطيته للسلاح غير الشرعي ولارتكابات حزب الله الاجرامية في الداخل منذ ثورة الارز عام 2005 وصولا الى اغتيال لقمان سليم.

لم يعد حزب الله يعير اي طرف لبنان اي احترام، مناورات صامتة في عيون السيمان هدفها رسالة واضحة الى المسيحيين في كسروان، ومناورة اخرى بالرصاص الحي في خلدة وعين الرمانة، شبكات تهريب الى سوريا ومنع الجيش اللبناني من تنفيذ اوامر وزير الدفاع الياس بو صعب بالانتشار على الحدود لمنع التهريب، شبكات اتصالات، تسييل الدولارات العراقية الممنوعة من الصرف، حشد الابواق لمهاجمة القطاع المصرفي في لبنان التابع للولايات المتحدة الاميركية كما تصفه اوساط الحزب وغيرها.

نعم حزب الله اليوم اكبر من لبنان، واذا كان القرار الدولي 1701 قد حصره شمال الليطاني، فإن القرار نفسه لم يمنعه من الانفلاش في دول الخليج لإثارة القلاقل وتغذية النعرات الطائفية من البحرين الى اليمن وغيرها.

واذا كانت الولايات المتحدة تستعمل العقوبات سيف مسلط لخلط التحالفات السياسية في لبنان، يبقى صمت رئيس الجمهورية العامل الاكثر تأثيرا لو تكلم، لكن على ما يبدو من اخرج المارد من القمقم عاجز عن اعادته، لذلك السكوت من ذهب.