الانتخابات النيابية المقبلة نعمة ام نقمة؟

اللجوء الى الحلول الانتخابية والاحتكام الى الارادة الشعبية اساس بناء الانظمة الديمقراطية. بالاحتكام الى الديمقراطية يمكن تحديد السلطة واركانها وتحديد المعارضة واركانها.

في لبنان لا يختلف الوضع عن الدول العربيّة، التعدديّة الطائفيّة فيه تبقى ميزة لا تملكها تلك الدول، الا ان النتيجة نفسها، الانتخابات تتحوّل من حلّ الى مشكلة اكبر، ولا تحترم نتائجها.

لم تبدأ الانتخابات النيابية ولم تحدّد بشكل نهائي مواعيدها، خطابات رؤساء الاحزاب وصلت الى اعلى السقوف، وعلى المشكّك متابعة تصريحات ومواقف الامين العام لحزب الله، رئيس التيار الوطني الحر، رئيس حزب القوات اللبنانية، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي…

الطامة الكبرى ليست في الحديث الصادر عن هؤلاء، بل عن الغطاء الخارجي المؤمّن لهذه الانتخابات، حيث اسقط الخارج كل الامور الاخرى والشؤون القادرة على وضع البلاد على سكّة الانقاذ والاصلاح والنهوض، وبات مطلبه الوحيد اجراء الانتخابات النيابية.

 

يمكن للانتخابات انتاج حيثيّة جديدة قادرة على قلب موازين القوى من الناحية السياسية، ولو انّ للبعض قناعة ان الانتخابات لن تغيّر شيئاً في المسار، مع الاشادة باقبال المنتشرين على الدخول في هذه المعركة.

مخطئ من يعتقد ان دول العالم غير مدركة لهذا الواقع، وانها ساذجة الى درجة التصديق انّ الانتخابات ستزعزع الاسس السياسية والطائفية والمذهبية التي تشرّبها اللبناني بزجاجة الرضاعة.

من يسمع المواقف الاخيرة للمسؤولين اللبنانيين، يعتقد نفسه في بلد لا يعاني من اي نوع من الازمات، في حين المسائل الوحيدة التي تشغل بال اللبناني التدخل الطارئ لمعالجة الاوضاع الصحية والاجتماعية والمعيشية والاقتصادية والمالية والقضائية والمصرفية… لانها غير قابلة للانتظار.

ولو وصل الدولار الى 50 الف ليرة، ولو بات الحد الادنى للعيش يفوق الـ15 مليون ليرة في الشهر… ورغم ذلك يتبجّح هؤلاء بأنّهم اصحاب “الانجازات” ويعدّدونها وكأنّهم “جحا” يصدّقون الكذبة التي اطلقوها، وما يحزّ في النفس انهم قادرون على اقناع شريحة كبيرة من الناس بأنّهم على حق، وبأنه من دونهم، يضمحلّ لبنان ويختفي من الوجود.

الانتخابات “امّ المشاكل” بدل ان تكون ام الحلول، لذلك تتصاعد اصوات غير الحزبيين للمطالبة بتأمين حياة كريمة لها خارج لبنان، ليس بسبب الوضع الحالي الصعب، لأنّ كل دول في العالم مرّت وستمرّ حتماً بأوضاع صعبة وحرجة، ولكن طريقة التعامل معها تختلف بين بلد وآخر، وقد اثبتت الوقائع التاريخية ان لبنان غير قادر على التغلب على الصعوبات، بل يعمد الى “تحييدها”.