تستميت قيادة “حزب اللّه” في معركتها ضدّ خصومها، وفي طليعتهم “القوات اللبنانية”، بالمباشر كما في زحلة والبقاع الشمالي وبعبدا وجزين وجبيل – كسروان، وبواسطة أذرعها في سائر الدوائر، وخصوصاً الدائرة الثالثة في الشمال التي تضمّ الأقضية الأربعة بشري زغرتا الكورة البترون.
في هذه الدائرة يضع الأمين العام ل”الحزب” حسن نصراللّه كل ثقله وضغوطه على ملحقاته الثلاثة “المردة”، “الحزب القومي”، “التيّار العوني”، لتوحيد عمل ماكيناتهم الانتخابية في اللائحتين المتقابلتين، ومقايضة أصوات بينهما يستفيد منها رئيس “التيّار” بالدرجة الأولى بهدف إنقاذ مقعده المهدد في البترون بسبب فشله في ضمّ كتلة ناخبة تستطيع تعويمه كما فعل في انتخابات ٢٠١٨ باستفادته من أصوات ميشال معوض في زغرتا.
وتقتضي خطة نصراللّه لتعويم باسيل تجيير أكثر من ٣ آلاف صوت من جعبة سليمان فرنجية والمرشح القومي سليم سعادة لمصلحته، وكذلك حوالى ألف ومئتي صوت شيعي في قضاءي الكورة والبترون، ولا ضير إذا تحوّل بعض مرشّحي اللائحتين إلى مجرد “كومبارس” في اللعبة المسرحية الانتخابية.
وتصطدم هذه الخطة، حتّى الآن، بتحفّظ مزدوج من فرنجية والقومي، لأن الأول يصبح مهدداً بخسارة مقعده الثالث إمّا في الكورة (فادي غصن) أو في زغرتا (إسطفان الدويهي)، والثاني بخسارة مقعده الوحيد في الكورة (سليم سعادة). وهذا في حسابهما ثمن باهظ يدفعانه مقابل إنقاذ مقعد باسيل، ولا يستطيعان تحمّله.
غير أن “حزب اللّه” يعرض عليهما جائزتي ترضية، فيقول لفرنجية: إخسر مقعداً نيابياً فتحصل على المقعد الرئاسي، ويقول للقومي (حردان): إخسر مقعدك في الكورة تربح مقعداً في الحكومة، ونحاول التعويض عليك في بعلبك وعكّار!
وفي حجّة نصراللّه أن فرنجية يربح بعبدا في الاستحقاق الوشيك، بينما يسمح عمر باسيل بالانتظار ٦ سنوات. أمّا إذا سقط هذا الأخير في الانتخابات النيابية الآن فسيسقط اسمه من السياسة والرئاسة في كل آن وأوان.
وحتّى الآن، يدرس القومي وفرنجية هذا البازار المعروض عليهما، ولا يملكان في النهاية ترف الاعتراض أو الرفض. بينما لا يخسر “الحزب” شيئاً طالما أن أي فائز من اللائحتين سيكون في خرجه وخراجه.
ولا تكتفي قيادة “حزب اللّه” بعين واحدة على هذه الحسابات وتنسيق المقايضات بين أتباعها في هذه الدائرة، بل توجّه عينها الأخرى نحو اقتراع المغتربين لعرقلته أو التخفيف من وطأته عبر وسائط ذراعها العونية في وزارة الخارجية والسفارات، سواء بحجة إضراب الجسم الدبلوماسي أو العجز المالي عن تغطية الانتخابات في الأقلام الكبرى في ديار الانتشار.
علماً أن أكثر من ٢٦ ألف مغترب تسجلوا في هذه الدائرة، يتوقع أن يقترع منهم حوالى ١٦ ألفاً، والجميع يدرك أن ١٠ آلاف منهم في الحد الأدنى سيصبون أصواتهم للائحة القوات اللبنانية، أي ما يقارب حاصلاً انتخابياً إضافياً.
ولا يسع أي مراقب سيادي، سواء كان ناخباً من هذه الدائرة أو خارجها، إلّا أن ينصح القوى السيادية الموزّعة على أكثر من لائحة، بتجاوز خلافاتها في التفاصيل والطموحات الفردية، واعتماد التنسيق بين ماكيناتها، وتبادل الأصوات لإفشال مخطط “حزب اللّه” وبازاراته بين “سراياه السياسية”، وتثبيت الهوية اللبنانية الوطنية لهذه الدائرة المحورية ذات الارتباط العميق بحاضر لبنان ومستقبله.
الياس الزغبي