تبدأ يوم الخميس في أول أيلول المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد خلفاً للرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته في 31 تشرين الأول، وسط انسداد الأفق بإمكانية نجاح البرلمان اللبناني في إنجاز هذا الاستحقاق، ما يضع البلد أمام سيناريوهات قاتمة؛ خصوصاً أن البعض يتخوّف من تكرار تجربة عام 1989 عندما رفض عون الذي كان يرأس حكومة عسكرية، الاعتراف باتفاق الطائف وامتنع عن مغادرة “قصر الشعب”، وتسليم الحكم إلى الرئيس رينيه معوّض، كما رفض تسليم السلطة للرئيس إلياس الهراوي أيضاً.

ومع نفاد الوقت الذي يفصل عن موعد الانتخابات الرئاسية، ثمّة ترقّب دقيق لكيفية تعاطي الكتل النيابية التابعة لأحزاب السلطة مع الاستحقاقات الصعبة والداهمة، وعلى رأسها تشكيل حكومة دستورية، تتولّى مهام رئيس الجمهورية في حال وصل لبنان إلى الفراغ الرئاسي، بدلاً من حكومة تصريف الأعمال؛ خصوصاً أن زيارات الرئيس المكلّف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي إلى قصر بعبدا، عديمة الجدوى بفعل عجزه عن إقناع عون بالصيغ الحكومية التي يقدّمها، ورفضها القاطع من قبل صهره النائب جبران باسيل.

ورغم أن زوّار عون نقلوا عنه في الأسابيع الأخيرة تأكيده، أنه لن يبقى في القصر الجمهوري ساعة واحدة بعد انتهاء ولايته، عادت مصادر مقرّبة من التيار الوطني الحرّ لضخّ معلومات تتحدّث عن فتاوى دستورية تمكّن عون من الاستمرار في مهامه، بذريعة أن حكومة تصريف الأعمال ليست مخوّلة تولّي صلاحياته بالوكالة، ويتذرّع مقرّبون من عون بأن صلاحيات الرئيس تنتقل إلى مجلس الوزراء مجتمعاً، وأن حكومة تصريف الأعمال غير قادرة دستورياً على عقد جلسة لمجلس الوزراء لاتخاذ القرارات.

تعدد الاجتهادات الدستورية لا يعني أنها قابلة للتطبيق، في ظلّ النصوص الواضحة للدستور اللبناني، ولذلك دعا الخبير القانوني والدستوري المحامي سعيد مالك إلى احترام الاستحقاقات والذهاب سريعاً لتشكيل حكومة جديدة تنال ثقة البرلمان اللبناني، ومن ثمّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهذان الأمران يوفران على البلد نزاعات كبيرة.

وتتعزز المخاوف من احتمال بقاء عون في قصر بعبدا، ربطاً بما نقله عنه قبل أسابيع النائب جميل السيّد، الذي أعلن أن رئيس الجمهورية لن يسلّم البلد للفراغ، لكنّ المحامي مالك اعتبر أن “خروج الرئيس عون قرار دستوري ملزم له وليس خياراً يقبله أو يرفضه”. وعن إمكان تشكيل حكومة عسكرية كما فعل الرئيس الأسبق أمين الجميل في عام 1988، عندما شكّل حكومة عسكرية برئاسة عون نفسه، جزم الخبير الدستوري سعيد مالك بأنه “قبل الطائف كان رئيس الجمهورية يعيّن الوزراء ويسمّي أحدهم رئيساً للحكومة، لكن بعد الطائف وإقرار دستور جديد، لا تتشكّل الحكومة إلا عندما يوقّع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة مراسيمها معاً وتنال ثقة المجلس النيابي”.

ويذهب البعض إلى فرضية إقدام عون على إعلان حالة طوارئ، تنقل السلطة إلى الجيش، وتصبح معها حكومة تصريف الأعمال بلا جدوى، ردّ مالك على هذه النظرية بأن “حالة الطوارئ تحتاج إلى ظروف غير متوفرة حالياً، أولها وضع أمني مضطرب”. وقال: “لو سلمنا جدلاً بذلك، فإن حالة الطوارئ تستدعي ثلاثة شروط: أولاً دعوة مجلس الوزراء إلى الانعقاد، والأخير هو من يعلن حالة الطوارئ، ثانياً: لا يمكن لأحد أن يدعو مجلس الوزراء للانعقاد سوى الرئيس ميقاتي، وثالثاً: حالة الطوارئ تحتاج إلى ثلثي أصوات الوزراء، وهذا مستحيل توفره الآن”. وأكد مالك أن “قانون الطوارئ يفرض على مجلس النواب أن يجتمع خلال ثمانية أيام من إعلان حالة الطوارئ لاتخاذ موقف منه، وكل هذه السيناريوهات مستحيلة في الوقت الراهن”.

 يوسف دياب