لم ينجح السفير السوري علي عبد الكريم علي بتصريحه بعد زيارة الرئيس العماد ميشال عون في تبرير رفض بلاده استقبال وفد لبنان لترسيم الحدود، ولا اقنع احدا من اللبنانيين بذريعة ممجوجة لكثرة ما استخدم منها النظام في تعاطيه مع الدولة اللبنانية.

البعض عزا “الصفعة” السورية للعهد الى عدم استعداده منح جائزة ترضية لحليفه الرئيس عون الذي لم يبق على مغادرته القصر الجمهوري سوى ايام، والى “العنجهية” السورية والفوقية التي لطالما تعاطت بها مع لبنان.

تعتبر مصادر سياسية مطلعة على حيثيات العلاقة بين البلدين ان خلف الرفض السوري ما هو ابعد من مواعيد لم تُنسق، الاسد وجّه رسائل لمن يعنيهم الامر في لبنان من شأن استخدامها ان يدّعم اوراقه ويقوي موقعه التفاوضي في اي مشروع ترسيمي، فيقبض ثمنه سلفاً.

الرسالة الاولى الى السلطة اللبنانية مفادها ان ملفا على مستوى الترسيم لا يرأسه نائب مهما علا شأنه “فالتخاطب معنا يحتاج الى مفاوض رئاسي”.

الثانية من طبيعة عربية، اذ فيما لا تزال سوريا مقصية عن مقعدها في الجامعة العربية وتتعرص لتراجع حاد في علاقاتها الخليجية، لن يبيع النظام ورقة ترسيم حدود لبنان الذي يحظى باهتمام عربي.

ثالث الرسائل موجهة الى واشنطن التي توسطت وضغطت وتمكنت من اقناع لبنان واسرائيل بترسيم حدودهما البحرية. وهنا تقول المصادر ان الاسد، وازاء الانكفاء الروسي عن التدخل في اي خطوة من هذا النوع لانشغاله بالحرب في اوكرانيا، يسعى الى جذب الاميركي اليه، اعتقادا منه انه، إن كان حقا مهتما بلبنان وانقاذه لا سيما مع اضافة ازمة الفراغ الرئاسي الى جبل ازماته، قد يُستدرج الى التدخل مع السوري لتسهيل المهمة فينتزع منه تواصلا ثانيا معه بعد تواصل يتيم تم بين الرئيسين الاسد وجو بايدن منذ مدة بشأن الصحافي اوستن تايس، وتاليا محاولة عودة الى الساحة الدولية.

وفّر ترسيم الحدود اللبنانية -الاسرائيلية لنظام الاسد ورقة يلعبها “صولد” ويضغط بها، لانه وقع العام الماضي اتفاقا مع شركة “كابيتال” الروسية للتنقيب عن النفط في مقابل ساحل طرطوس حتى الحدود البحرية الجنوبية السورية – اللبنانية. آنذاك فوجئ لبنان بأن الإحداثيات المتعلقة بحدود البلوك الملزم والمنصوص عنها في العقد، تتداخل مع البلوكين (1) و(2) من الجانب اللبناني بما يناهز 750 كيلومتراً مربعاً داخل الحدود البحرية اللبنانية. المساحة تمنح الجانب السوري مادة دسمة للتواصل معه ولسان حاله “في جيبي مفتاح مساعدة لبنان لمن يودّ، فتواصلوا معي”.