تتفرّع عملية سرقة نحو 600 ألف ليتر من المازوت من منشآت النفط في طرابلس، إلى أكثر من طريق تُستَعمَل لتمويه قضية حسّاسة مرتبطة بها، وهي إجراء تعيينات وظيفية تمهيداً للإطباق على المنشآت، بدءاً من تغيير الرئيس الحالي للجنة إدارة منشآت النفط في طرابلس هادي حسامي.

لا يعني ذلك أن السرقة مباحة وأن التحقيق في تفاصيلها أمر ثانويّ، بل يعني عدم حصر الملف بتوقيف بعض الموظّفين ككبش فداء، لأن التضحية ببعض “الصغار” دائماً ما تكون وسيلة لإقفال الملفّات وترتيب أمور “الكبار”.

من جهته أحال المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم، ملفّ سرقة المازوت من المنشآت، إلى قاضي التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصار، التي أصدرت قراراها الثلاثاء بـ”توقيف رئيس لجنة إدارة منشآت النفط في طرابلس وثلاثة أشقّاء من آل غمراوي يعمل أحدهم حارساً والآخر رئيساً لدائرة الحرس والثالث رئيساً لدائرة التخزين”، وفق ما أكّدته مصادر متابعة للملف.

وأثار التوقيف غضب الموظفين الذين رفضوا تحميلهم والمنشآت مسؤولية تقصيرٍ وخللٍ ليسوا مسؤولين عنه. ورفضوا قبل ذلك، قرار وزير الطاقة وليد فيّاض إقفال المنشآت ردّاً على حادثة السرقة.

المسار القانوني لا يبرّر إقفال المنشآت ووضع صغار موظفيها في دائرة الاتهام “في حين تقبع الحقيقة لدى كبار الموظّفين، وصولاً إلى الإدارة المركزية للمنشآت في بيروت، بالإضافة إلى وزارة الطاقة.

ترك منشآت النفط في طرابلس وسط الفوضى الإدارية والأمنية، يُسهِّل عملية التلاعب السياسي بها، والسيطرة على إدارتها من جهات سياسية. العملية بدأت مع رئيس اللجنة السابق سركيس حليس واستمرّت مع حسامي. ولا تعني محاولة إزاحتهما تبرئة ساحتهما من أي ارتكابات، لكن العملية متّصلة بأغراض، تُمهِّد بعض جوانبها إلى الإطباق على منشآت طرابلس.

التعيينات التي قادتها فغالي وقّعها وزير الطاقة وليد فيّاض قبل سفره. والتعيينات في مناصب مختلفة ضمن المديرية العامة للنفط، شملت بشير. ط، وجيسكار. خ. وجولييت أبو ج. على أن الخطوة التالية هي إصدار قرار بتكليف جيسكار القيام بمهام حسامي.

منشآت النفط في طرابلس وأنابيبها، تعرّضت سابقاً للكثير من عمليات السرقة، سواء سرقة المازوت أو النفط المارّ بالأنابيب الآتية من العراق. وفي كلّ مرّة، يُقبَضُ على صغار المتّهمين، ويُفرَج عن المدعومين منهم فيما كبار المسؤولين يبقون خلف الكواليس، ولا يظهرون.