لم تكن نتائج الاجتماع الذي جمع القطاعات الإنتاجية والعمالية في مقر الاتحاد العمالي العام بحجم الأزمة التي اجتمعوا حولها. فمخاطر الوضع الراهن والانهيار المدوّي الذي تتعرض له العملة الوطنية وغالبية القطاعات الاقتصادية، حضرت على ألسنة المجتمعين من نقابيين واقتصاديين، أتت على هيئة “نحيب”، يعكس استسلاماً بين أطراف الإنتاج، باستثناء قطاع الصيادلة والمستشفيات الذي غرّد خارج السرب.
وكأن السلطة السياسية التي لم تهتز لضياع أموال آلاف المودعين، وأمام موت مرضى على أبواب المستشفيات، ستصحو بعد سماعها الكلمات المؤثرة لأطراف الإنتاج، وتتجاوب مع صرخة القطاعات الإنتاجية، فتُسارع إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، والإنصراف إلى تنفيذ إصلاحات اقتصادية!
ألقى المجتمعون كلمات تعرض الواقع المذري للاقتصاد، وتصف المسؤولين السياسيين بكل الصفات السيئة التي يستحقونها، رافعين الصوت للدعوة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وتشكيل حكومة لديها كل الإمكانيات والدعم والاحتضان، والاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
الدعوة إلى إعلان النفير العام زادت من حماسة بعض القطاعات المتضررة من الأزمة، على أمل اتخاذ إجراءات ضاغطة بوجه السلطة السياسية، ففوجئ البعض بأن اللقاء الذي جمع اصحاب العمل والعمال والنقابيين والقطاعات الإنتاجية اقتصر على إطلاق نداءات استغاثة، من دون التلويح أو حتى التحذير من القيام بأي خطوات عملية، تستهدف دفع السلطة إلى القيام بواجباتها.
ولم يرق للقطاعات الاستشفائية والتربوية اقتصار الاجتماع على رفع الصوت و”النحيب” دون خطوات فعلية للضغط على السلطة السياسية، فاقترح البعض تنفيذ إضراب شامل في الأيام القليلة المقبلة.
ولأن دعوة نقيب الصيادلة جو سلوم الجميع “لاتخاذ خطوات جريئة تتمثل بالإضراب العام والشامل لكل القطاعات حتى انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة إنقاذ وطني”، لم تلق أي تجاوب، اتجه سلوم إلى حشد نقابات وقطاعات أخرى لتنفيذ تحركات مشتركة ضاغطة.
انتهى اجتماع قوى الإنتاج بانقسام التوجهات بين رافعي نداء استغاثة بوجه سلطة مستشرسة، وبين مَن يرى أن التحركات التصعيدية هي الحل باعتبار “الكلام لا يعطي اي نتيجة”.
عزة الحاج حسن