لا يُخفي أي محام حاجته المُلحّة لعرض قضاياه الكُبرى أمام الشأن العام، في اللحظة التي يلتمس فيها أن أهدافاً سياسية أو مساع أخرى تعمل على تضليل الحقيقة، أو منع تحقيق العدالة. حينها، قد يلجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي لعرض الوقائع هادفاً إلى تحريك الرأي العام.
هذا الأمر تحديداً دفع بنقيب المحامين، ناضر كسبار، إلى تعديل بعض المواد على نظام آداب المهنة، في محاولة لضبط الظهورالإعلامي للمحامين وتقييد نشاطهم عبر وسائط التواصل. واعتبرها بعض المحامين أنها محاولة لكمّ أفواههم. فما حقيقة هذا الجدل الحاصل؟
المواد لم تتغير، إنما عدل مادة واحدة فقط ووضحت أخرى. في الفصل الخامس من النظام الداخلي لآداب المحامي، المتعلق بعلاقته مع وسائل الإعلام، تنص المادة 39: “على المحامي أن يمتنع عن استخدام أي وسيلة من وسائل الإعلام والإعلان والاتصالات، المرئية والمسموعة والمقروءة، بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع والصفحات الالكترونية، كمنبر لمناقشة الدعاوى العالقة أمام القضاء.. يُستثنى من ذلك القضايا الكبرى التي تهمّ المجتمع بعد أخذ موافقة النقيب”.
وهنا يوضّح كسبار بأن هذه المادة لم تتغيّر ولم تُعدّل، ولا تزال على حالها منذ الثامن من شباط عام 2002.
لا يزال الجدل قائماً في تصنيف القضايا الكبرى عن الصغرى.
وقال: “تم تبديل كلمة “يُستحسن” بكلمة “يستحصل” في الجملة المذكورة. فأصبحت “على المحامي أن يستحصل على إذن مسبق من النقيب للاشتراك في مقابلة”.
وحسب كسبار فإن القانون “لم يتغير، وما يتم تداوله عبر الإعلام ليس دقيقاً. فالنقابة تعمل على حماية المحامين والدفاع عنهم، ولا رغبة لها بقمع حرياتهم، ولكنه إجراء يهدف لضبط الفوضى التي حصلت في الآونة الأخيرة، المتمثلة بالظهور الإعلامي المتكرر للمحامين بطرق غير منظمة”.
وتابع كسبار، أن بعض المحامين يستعملون ألقاباً ممنوعة من التداول، على سبيل المثال “خبير في قضايا المصارف، خبير في العلاقات الدولية..”، غير أن القانون حدّد الألقاب المسموحة فقط وهي “المحامي، النقيب، النقيب السابق، الدكتور في الحقوق”.
من جهة أخرى، اعتبر المحامي جاد طعمه، رئيس اللجنة القانونية في المرصد الشعبي لمحاربة الفساد
“الخطورة تكمن في غموض النص وشموله الجميع من دون تمييز واضح”.
وأوضح أن مجلس النقابة “لا يستطيع أن يقدم لنفسه صلاحيات مطلقة، بما يخالف أحكام الدستور اللبناني والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها لبنان، ولا يجب أن تعكس نقابة الحريات صورة قمع المحامين وتقويض حرياتهم، فمهنة المحاماة تتطلب الحرية، ودور النقابة يتمحور في تنظيم المهنة وتحسين ظروف ممارستها”.