لم يُمنح كلام رئيس كتلة نواب حزب الله، محمد رعد، الانتباه اللازم. وغالباً ما يحاول اللبنانيون “تجاهل” تصريحاته، لا لقلة أهميتها، إنما تفادياً لوقعها الصادم والقوي. يبدو إنكارها كآلية دفاعية تحاشياً لأثرها الثقيل وغير المحتمل أحياناً. فإذا كان لا مهرب من تلقي الخطب التلفزيونية لحسن نصرالله، فإننا معظم الأحيان نحاول التغاضي عن ما يقوله الشيخ نعيم قاسم أو محمد رعد. فهذان الأخيران يتمتعان بقدرة على تحويل اللغة إلى قصف مباشر.

الأحد الماضي قال رعد: “يملكون الوقاحة اللازمة للتصريح علناً برفضهم وصول مرشح للممانعة، في مقابل رضاهم بوصول ممثل الخضوع والإذعان والاستسلام”. بقية كلامه عبارة عن استهزاء واحتقار لمن يحاول البحث عن مرشح لرئاسة الجمهورية غير الذي سمّاه حزب الله، وبلهجة تخوينية معتادة.

النائب رعد بالغ الوضوح في موقفه مما يسمى نظام برلماني ديموقراطي. كذلك نظرته إلى “زملائه” في المجلس النيابي، هؤلاء الوقحين الذين لم يخضعوا بعد لمشيئة حزب الانتصارات في اختيار الرئيس العتيد.

ويبدو من نبرة رعد أن هؤلاء المعترضين لم يتعلموا الدرس بعد، كتلامذة بليدين يثيرون حفيظة أستاذهم وغضبه. وهو محق إلى حد بعيد. فممتهنو معارضة حزب الله، منذ العام 2005 إلى اليوم، لم يحصدوا سوى الهزيمة والخيبة والكثير من الدماء والدموع. وعند كل استحقاق مهما كبر أو صغر، النتيجة نفسها. جل ما يستطيعه مناهضو الحزب اختبار صبره و”تضييع” الوقت قبل وقوع القدر المحتوم.
نفوذ حزب الله الحاسم وسلطته مصدرهما الضعف المتزايد لخصومه، ضعف سرطاني لا علاج له.

محاولة البطريرك الماروني الأخيرة الفاتيكانية الفرنسية، وتشجيعه لاتفاق مسيحي على مرشح يقارع مرشح “الثنائي الشيعي”، كان الرد عليها مفحماً من قبل المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان: “17 أيار الصهيوني شطبته المقاومة بالدم واستردت لبنان”.

درس محمد رعد يفيد أن “وقاحة” المحاولة لانتخاب مرشح آخر غير سليمان فرنجية، ستفشل حتماً، بطرق دستورية وغير دستورية، من معضلة النصاب إلى مزاجية الدعوة لعقد جلسة انتخابية أصلاً، وصولاً -إذا اضطر الأمر- لقمصان سود أو نسخة معدلة من 7 أيار، أو حتى ما هو أسوأ، على ما علمنا وذقنا طوال عقدين ماضيين.

ما أدركه الفرنسيون، وعرفه السعوديون والأميركيون أيضاً، المستقبل الوحيد المتاح للبنان واحد موحد هو الاستسلام لما يسميه حزب الله “التوافق”. وهذا ما لم  يعد مغرياً بالمرة، للأسف.