لبنان الذي يعيش حربًا جزئية ويتوجس من إتساعها، ويتوجس مواطنوه من إنعكاس هذه الحرب على واقعهم الإقتصادي المُتهالك أصلًا، لا سيّما أن لا ضمانات فعليّة للجم إحتمال تفلت أسعار الدولار والفوضى النقدية.

وهذه الهواجس مُبرّرة في حال لم تتمكن الحكومة والمصرف المركزي بضبط سعر الصرف، فهل نحن مُقبلون على هذا السيناريو المأساوي إقتصاديًا؟

يجزم الخبير في المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد د. محمد فحيلي، بأنّ “للحرب في حال إن وقعت تداعيات إقتصادية سلبية حتمًا، كما أنها تُرخي بظلالها على الإقتصادي الوطني”. ولكن، وعلى الصعيد الإقتصادي، يعتبر فحيلي بأنه “لا يهم مَن أطلق شرارة الحرب، ومَن بدأ فيها، الإقتصاد يتأثر بالحرب وبالخوف من إندلاع الحرب”.

ويُعدّد فحيلي خلال إتصال مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية الآثار السلبية للحرب على كافة الصعد الإقتصادية، وأبرزها:

– تراجع رغبة المستثمرين بالإستثمار.

– تردّد وإنخفاض في توجه رأس المال نحو لبنان.

– يتأثر الإستهلاك سلبيًا وبسرعة بسبب شبح الحرب بغض النظر عن التهافت لتخزين الأساسيات للتموين للحرب، وتنخفض رغبة الفرد بالإستهلاك غير الأساسي والإنفاق الترفيهي.

– بما أن لبنان ليس بلدًا منتجًا للأسلحة أو لما تحتاج له الحرب من معدات وأدوات سوف تكون تداعياته على قطاع الإنتاج والتصدير كبيرة.

– وهذا الإنكماش الاقتصادي سوف يؤثر على قدرة الدولة على جباية وتحصيل الضرائب، مما يؤثر على إيراداتها بشكل كبير.

– يفقد المواطن ثقته بالدولة في قدرتها على الحفاظ على الإقتصاد، وكذلك بالمنظومة المالية والنقد الوطني والذي هو حالياً شبه مُدمر كليًا في لبنان.

إضافةً الى ذلك، يلفت فحيلي إلى أنه “صحيح الخشية والخوف من الحرب تكون على صعيد لبنان بأكمله، إلّا أنها جغرافيًا وشعبيًا تكون محصورة بمنطقة وجهة معينة”.

ويردف قائلًا، “شئنا أم أبيْنا الحرب في حال وقعت سيكون معني فيها حزب الله بالدرجة الأولى وبالمنطقة المتواجد فيها جغرافيًا”، لذا يرى أن “هذه المنطقة تتأثر أكثر من غيرها ويجب أن تسعى الدولة إلى توفير خطة طوارئ التي قد تكون منكوبة في حال إندلاع حرب على نطاق واسع”.

وعن تأثير الحرب على سعر صرف الدولار، يتوقع فحيلي بأن لا يتأثر، ويشرح السبب: “اليوم إقتصادنا شبه مدولر 100%، كما أن الدولة تتجه إلى دولرة إيرادتها، ومن المرجّح وبشكل كبير أن لا يحصل طلب إستثنائي على الدولار، ذلك لأننا نعيش في حالة إستثنائية منذ ما يُقارب الثلاث أعوام”.

لذلك، يعتبر أنه “لن يكون هناك داع لأن يتخذ مصرف لبنان أي إجراءات لمنع حصول أي إضطرابات في سوق الصرف، لأن الجهة الوحيدة  التي تطلب الدولار اليوم هي مصرف لبنان، وكذلك فإن قدرة المضاربين في سوق الصرف ستكون محدودة مما يحد من قدرتهم على ممارسة المضاربة والإحتكار”.

ويضيف، “بما أن لبنان يستورد جزءًا كبيرًا من البضاعة التي يبيعها بالسوق المحلي والتي يستعملها بالإنتاج المحلي، وحيث أنه من الطبيعي أن تزداد كلفة الشحن في بلد يتواجد في منطقة مضطربة أمنيًا، وبالتالي تزداد كلفة البضاعة بشكل لافت”.

لذلك، يتوقع أن “ترتفع أسعار السلع سواء المنتجة محليا أو المستوردة، وهذا تحصيل حاصل إن توسعت رقعة الأحداث أم لا، وذلك على خلفية قيام شركات التأمين بزيادة كلفة بوالص التأمين على الشحن إلى لبنان، وهذا الإرتفاع يشمل المحروقات والمشتقات النفطية وكل شيء يستورده لبنان”.

ولكن في المقابل، ووفق قناعاته يُرجّح فحيلي بأن “لن نشهد إرتفاعًا كبيرًا على غرار ما حصل بالعاميْن السابقيْن، وذلك على خلفية حصول إنكماش بالإستهلاك وبالإنفاق الترفيهي، كما أنّ إستهلاك البنزين سيتراجع والذي سيترافق مع إرتفاع أسعار الشحن وإنكماش الإستهلاك، هذه المتغيّرات سوف تحدّ من إرتفاع حادّ في الأسعار”.

ويتطرّق فحيلي إلى “آثار إلغاء الحجوزات إلى لبنان، والتي ستؤثر مباشرة على موسم السياحة الذي كان منتظرًا خلال موسم عيدي الميلاد ورأس السنة”.

فكل هذه الأمور، تدل وفق فحيلي بأن “الدولارت التي كانت تدخل إلى السوق اللبناني من جراء السياحة، وقدوم المغتربين إلى بلدهم الأم خلال فرص الأعياد سوف تتقلص، وبالتالي سيترتب على ذلك إنخفاض في الكتلة النقدية التي في التداول محليًا من الدولار، وعلى أمل أن لا تتأثر تحويلات المغتربين والتي تصل سنوياً إلى 7 مليار دولار”.

لكن الخبير فحيلي يتوّقع أن “يكون هذا الشح  ظرفيًا”، ويستبعد أنْ “يكون له تأثير قوي على توفر الدولار بالسوق المحلي لأنه سوف يواكب الإنكماش الإقتصادي إنخفاض في الطلب على الدولار في السوق المحلي، لذا لن يكون هناك إضطرابات في سعر الصرف في السوق الموازي، وأنْ يبقى سعر الصرف متقلباً ما بين 89500 إلى 90000 لا أكثر”.

المصدر: الانباء الالكترونية