في روايات حزب الله وخطاباته يسوق أن المقاومة حمت لبنان من الاحتلال الإسرائيلي والتكفيريين، وقبل وجود حزب الله ايضًا المقاومة الفلسطينية حاربت إسرائيل انطلاقًا من ارض لبنان وفي سردياتها طبعًا انها حمت لبنان في إطار النضال لتحرير فلسطين.
ولكن هل فعلاً حمت المقاومات المختلفة لبنان ام ان وضع البلد كان أفضل قبل وجودها؟
أولا: بعد اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل عام 1949، استقر الوضع في الجنوب، ليعود ويتوتر مجدداً في نهاية الستينيات بعد إنفلاش البندقية الفلسطينية في لبنان وردات الفعل الإسرائيلية على هجمات الفدائيين، مما يعني ان المقاومة الفلسطينية أتت بالاحتلال الى لبنان وعادت لتحميَّنا منه لاحقًا، أخذا لنفسها دور المدافع عن لبنان بالمزايدة على اللبنانيين.
ثانيًا: لم يكن قرار المقاومة يومًا لبنانيًا. نعم هناك لبنانيين قاتلوا في صفوف حركة فتح ولكن قرار الحركة كان فلسطينيًا، نعم عناصر حزب الله وقياداته لبنانيين ولكن قراره في إيران. عمليًا وكما يقول المثل ” عندما تدخل المقاومة المفترضة من الباب، يطير القرار اللبناني المستقل من الشباك”.
ثالثاً: سلاح المقاومة يحرك تلقائيًا الانقسامات الطائفية في لبنان. فصعود المقاومة الفلسطينية في الستينات مهد للحرب اللبنانية عام 1975، وبندقية حزب الله اليوم بدورها عنصر استقطاب طائفي ومذهبي حاد.
رابعًا: في تموز 2006 وبسبب المقاومة (حزب الله) بعد ان قامت بخطف جنديين إسرائيليين تعرض لبنان لحرب دامت لـ 34 يومًا ضربت فيها البنى التحتية للبنان كاملة ودمرت منازل الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، انتهت بعبارة “لوكنت اعلم”.
لا يبدو ان إسرائيل تتأثر كثيرًا بالمقاومات المختلفة لكن في المقابل لبنان يسير على درب الجلجلة منذ 50 سنة الى اليوم بسبب المقاومات هذه.
اذًا ان سلاح المقاومة “يحمي لبنان” فرضية غير صحيحة، بل هي من أتت بالويلات والدمار له.
اليوم وكأن التاريخ يعيد نفسه، حرب إسرائيلية على حماس، عاد الجنوب اللبناني تحت نيران المدافع الإسرائيلية بفضل فصائل تدعي المقاومة اخذت من الجنوب مقرًا لإطلاق صواريخها مما عرض اهل القرى الحدودية للنزوح والهرب خوفًا من الحرب.
ما من مقاومة تعلو على السلطة الشرعية وما من قضية اسمى من قضايا الشعب اللبناني فلنتعلم من التاريخ، لكن على ما يبدو اننا نتشارك الوطن مع جهلة!