تنذر التوقّعات التي ترجّح الشغور الرئاسي في لبنان، سواء نجحت الضغوط للتأليف أم لا، بأنّ أزمة لبنان مرشّحة لأن تبلغ ذروة جديدة تحيي فكرة عقد “مؤتمر وطني” للخروج بتسوية سياسية جديدة ولو مؤقّتة على طريقة مؤتمر الدوحة عام 2008.

بينما يربط معظم الوسط السياسي أيّ تسوية سياسية بالمعادلة الإقليمية، منها مفاوضات فيينا وحدود النفوذ الإيراني في المنطقة، والمواجهة الغربية مع روسيا في الحرب التي تخوضها أوكرانيا، وترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وانعكاساتها على التموضع الإقليمي والدور العربي في البلد، فإنّ هذا الربط يترك لبنان عرضة لإطالة أزمته، ولا سيّما إطالة الفراغ الرئاسي المتوقّع، نظراً إلى انعكاسات أيّ اتفاق في فيينا على حسابات “حزب الله” وسائر الفرقاء.

أيّ رئيس جديد سيواجه عوامل الأزمة نفسها بعناوينها المعقّدة، وسيصعب الخروج من الكارثة الاقتصادية الماليّة إذا لم يُصار إلى حوار بين الفرقاء اللبنانيين. جدول أعمال أيّ مؤتمر من هذا النوع تشير إليه عناوين الخلافات اللبنانية الكبرى، من قضيّة سلاح “حزب الله”، وهيمنته على القرار السياسي، وتطبيق القرارات الدولية، إلى تعديل النظام عبر تعديل الدستور بحجّة استعادة المسيحيين حقوقهم. إضافة إلى عناوين أخرى من نوع الخلاف على ما إذا كانت اللامركزية الموسّعة تشمل الشؤون الماليّة، وصولاً إلى هويّة لبنان وعلاقاته العربية، وعنوان الحياد الناشط أو النأي بالنفس عن صراعات المنطقة.

يختلف فرقاء رئيسيون على “مفهوم المؤتمر الوطني” إضافة إلى رغبة الفريق العوني بصيغة الدوحة، فإنّ مصادر سياسية مسيحية تشير إلى أنّ دعوات البطريرك الراعي إلى مؤتمر من هذا النوع بحضور الدول المعنيّة بلبنان على المستويَيْن الدولي والإقليمي، انتقلت إلى عواصم القرار من خلال اتّصالات بدأها الفاتيكان، وهي ما زالت مدار تشاور بين العواصم، ومن بين حجج التريّث في شأنها ضمان قبول الفرقاء اللبنانيين بها.

آخر المعلومات الدبلوماسية تؤكد أنّ السعودية أبلغت الإدارتين الفرنسية والأميركية بأنه من غير الوارد تحت أي ظرف من الظروف الدخول في مفاوضات حول تعديل الطائف وأنّ المقعد السنّي على الطاولة سيكون شاغراً، أو سيكون خائناً أيّاً كان المشارك وأيّاً كانت صفته.

معطيات بعض الجهات المسيحية تفيد بأنّ لوبياً لبنانيّاً يتحرّك في عواصم القرار، ولا سيّما في الولايات المتحدة الأميركية، ويعمل على استباق أيّ تعديل في اتفاق الطائف ينتقص من دور ووزن المسيحيين في تقاسم السلطة، ويسعى إلى تسويق الأفكار الفيدرالية في مقابل إدخال تعديلات على الدستور.

 

محمد شقير – اساس ميديا