في سياق مؤتمرٍ صحفيّ عقده الناطق باسم جيش الإسرائيليّ في الثالث من شباط الجاري، تطرق بالحديث قائلاً: “حزب الله، كحماس، أنشأ بنيته التّحتيّة بين بيوت المدنيين لكي يصعّب علينا مهاجمتها”.

 من هذه العبارة فقط، يستنتج العاقل أن مصير الجنوب اللبناني لن يتميّز عن قطاع غزة، بل مصير واحد أي الدمار.

أنشأت حماس شبكتها العنكبوتية من الانفاق تحت قطاع غزة ونصبت منصات صواريخها في باحات المنازل السكنية وأخذت من المستشفيات مقرات لقياداتها العسكرية، وجميعها بين المدنيين، وهذا كله لم يردع إسرائيل من مهاجمة حماس وتدمير القطاع إزاء كل من يشكل تهديدًا لها.

تسلط الضوء إسرائيل على حزب الله الذي يأخذ من الجنوب اللبناني بؤرة أمنية له، من ناحية أنه فعلاً لا يختلف عن حماس بتكتيكاته العسكرية اذ انه يتغلغل ايضًا بين المواطنين أخذًا منهم دروعًا بشرية. وهذا ما معناه ان إسرائيل لا تقف امام أي ذرائع تكبل دفاعها عن كيانها، سواء كانت شرع دولية او اتفاقات اممية، فهي لن تترك أي مخرب ان يزعزع أمنها.

تشبث الحزب بربط جبهة الجنوب بوقف إطلاق النار بغزة، قد يكلف الجنوب ما كلفته حماس لغزة، اذ ان الطرف الإسرائيلي حازم في تطبيق القرار 1701 كي يضمن العودة الامنة لمستوطنيه في الشمال الإسرائيلي. إسرائيل تريد الحل سواء في الديبلوماسية أو عبر التحرك العسكري وهي تستعد له ان نفد الوقت الذي يتطلبه الحل الديبلوماسي.

كل ما يُحضر لجنوب لبنان هو نتيجة فصيل مسلح غير شرعي يأخذ الجنوبيين بالدرجة الأولى رهينةً ولبنان ثانيًا، فهو الذي أشعل جبهة الجنوب في الثامن من أكتوبر دون العودة الى الحكومة اللبنانية تحت ذريعة مساندة غزة وتخفيف وتيرة الحرب عليها. بمعنى ان حزب الله أراد من أهل الجنوب ان يتلقوا جزءً من القصف الذي تتلاقاه غزة، ولتوضيح أكثر، أي بدلاً من أن تقصف غزة بـ 500 صاروخ يوميًا، يقصف الجنوب اللبناني بـ 100 وغزة 400.

هل يعي أهل الجنوب ما يفعله الحزب بهم؟ أم انهم ما زالوا موهومون ببدعة تحرير القدس؟

بالإضافة الى مغامرات الحزب، جاء أمس إعلان رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس حركة أمل عن دخول الذراع العسكري التابع لحركته السياسية، مستنقع العمليات جنوباً، ليزيد “الطين بلة “.

إعلان بري هذا يأتي بمثابة توريط لبنان الرسمي بالحرب بشكل عام، ويظهر للمجتمع الدولي أن لبنان الشرعي أي مجلس النواب هنا، يتخلى عن الشرعية الدولية، وبصورة أخرى يبرهن ان الدولة الحالية باتت في خدمة أجندة الدويلة.