دخلت مسألة الهجرة غير الشرعية وتدفّق النازحين إلى قبرص في صلب الاهتمامات اللبنانية. ولم تحجب التطوّرات في الجنوب وغزة الأنظار عن هذا الملف. وأصبح لبنان في موقع غير القادر على تحمّل هذه الأعداد الكبيرة من السوريين، وغير قادر في الوقت عينه على تلبية رغبة الأوروبيين في ضبط حركة النزوح عبر البحر. ما كان يحذّر منه بعض القوى السياسية والمسؤولين صار أمراً واقعاً، فأي خضّة في لبنان ستجعل البحر الأبيض المتوسّط المطلّ على أوروبا يغرق بالنازحين، وهذا ما يحصل بالفعل.

لم تنفع كل زيارات المسؤولين الأوروبيين إلى لبنان منذ 12 سنة في تجنّب الأحداث التي تحصل حالياً. عندما كانت الدولة اللبنانية والمجتمعات الأهلية والمحلية تتحرّك لضبط النزوح، كان الأوروبيون والمجتمع الدولي أوّل من يتحرّك في وجه الدولة والبلديات والمؤسسات، مانعين الدولةَ من تطبيق القوانين ومتّهمين الجهات المتحركة بـ»العنصرية»، ومهدّدين بوقف المساعدات.

ويدلّ شريط الأحداث المتتالي منذ أكثر من 8 أشهر على عدم قدرة لبنان على ضبط الشواطئ وتأدية دور «شرطي المتوسّط» كرمى عيون أوروبا. وتشير التقارير الأمنية إلى تزايد عدد النازحين السوريين الذين يغادرون شواطئ لبنان متجهين إلى أوروبا ولم تعد الأجهزة الأمنية قادرة على ضبط تلك التحركات.

وعلى الرغم من التحذيرات اللبنانية، لم يهتم الأوروبيون بمخاوف لبنان، بل كان همّهم وقف الهجرة غير الشرعية، وهذا لا قدرة للبنان على فعله. وإذا كانت الصرخة القبرصية هي الأعلى، إلا أنّ بقية الدول الأوروبية لديها المخاوف نفسها، وهذا ما ظهر خلال زيارة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني الأخيرة للبنان، والتي تطرّقت بشكل رئيسي إلى موضوع المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا.

لا يرغب لبنان في اتساع رقعة الخلاف مع قبرص على موضوع الهجرة، لكن الواضح وصول هذه الأزمة إلى أوروبا، لذلك كان التحرّك سريعاً وتمثّل بزيارة رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليدس بيروت للبحث في مواضيع عدّة أوّلها مسألة الهجرة.

المصدر: نداء الوطن
الكاتب: آلان سركيس