مطلع هذه السنة، أصدرت شعبة العلاقات العامة في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بياناً ذكّرت فيه بالمادة 144 من قانون القضاء العسكري التي تعاقب بالحبس من شهر إلى شهرين من يقدم على «ارتداء زي أو لباس من الأزياء أو الألبسة العسكرية»، كما ذكّرت بمذكرة قيادة الجيش المتعلقة بـ»تعليمات استيراد وتصنيع وبيع الألبسة والأمتعة والشارات العسكرية» لجهة ضرورة استحصال جميع بائعي الألبسة العسكرية على إذن من المراجع المختصة…».

لوهلة تظنّ البيان موجّهاً بالدرجة الأولى إلى «حزب الله» والميليشيات الملحقة به، وأن القوى الأمنية تمهّد لتنفيذ أسبوع أمني في البيئة الحاضنة ومداهمات لمعامل تؤمّن «يونيفورم» عسكرياً لما لا يقلّ عن مئة ألف مقاتل كاملي التجهيز والتدريب، ليتبيّن أن البيان يستهدف شريحة أخرى من اللبنانيين المسالمين. لا تتدخل الدولة اللبنانية في شؤون الدويلة. كلّ واحد يشوف شغلو. وشغل الدولة تطبيق القانون على الفنانين والكتّاب والإعلاميين الذين يسيئون، من حيث يدرون أو لا يدرون، إلى هيبة الدولة. والمفارقة أنّ التذكير أعلاه جاء بعد إطلاق برنامج «مرحبا دولة» وهو برنامج انتقادي فكاهي من إنتاج الزميل فراس حاطوم، وتزامن مع شكوى رُفعت إلى الـ»مشلّش» في المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ، أحد الحرصاء على هيبة الدولة والأخلاق الحميدة. وبعد الشكوى إدّعاء، وبعد الإدّعاء استدعاء إلى التحقيق، فمطالبة بتسليم الـ»بزات» العسكرية وإبقاء حاطوم رهن التحقيق.

سؤال بسيط: لماذا القوى العسكرية والأمنية فوق النقد بمختلف الأوجه؟ فهل سيادة العقيد أهم من معالي الوزير أو رئيس الحكومة أو وزير الخارجية أو رئيس الحزب والكبير بينهم يُنتف ريشه على الطالع وعلى النازل؟
ما لا يمكن للبعض استيعابه، أن للكوميديا مقتضياتها وللبرامج الساخرة أساليبها. في المحصّلة من يعشق البزة على الحلوة والمرة، لن يؤثر في عشقه برنامج. ومن يعشق الحرية لن يؤثر بقناعاته من يلجأ إلى القانون استنسابياً أو وفق إمكاناته.

المصدر: نداء الوطن
الكاتب: عماد موسى